السؤال
هل يصح أن الإمام مالكا أباح أكل الكلاب والذئاب والفيلة وما إلى ذلك، أخذا بعموم قوله تعالى في سورة الأنعام: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه؟وما موقفه من حديث تحريم لحوم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير؟أفيدونا أفادكم الله تعالى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن في مذهب مالك- رحمه الله تعالى- في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الحرمة، الكراهة، الإباحة .
ويرى خليل وأغلب شروحه أن القول المشهور في المذهب هو الكراهة كما قال العلامة خليل في المختصر: والمكروه سبع وضبع وثعلب وذئب.
وأما أكل ذي مخلب من الطير؛ ففيه الأقوال الثلاثة أيضا، والمشهور منها في المذهب هو القول بإباحة الأكل مطلقا.
قال خليل عاطفا على المباح: وطير ولو جلالة وذا مخلب. وقال الخرشي في شرحه: هذا هو الْمَشْهُورُ. وفي حاشية العدوي: وَمُقَابِلُهُ (يعني المشهور) مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْكَلُ كُلُّ ذِي مِخْلَبٍ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُؤْكَلُ الْمَنْعُ وَقَالَهُ فِي الْإِكْمَالِ، وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كَرَاهَةَ أَكْلِ ذِي مِخْلَبٍ
وفي المدونة عن ابن القاسم قَالَ : لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَ شَيْءٍ مِنْ الطَّيْرِ سِبَاعِهَا وَغَيْرِ سِبَاعِهَا.
وفي الموطإ- رواية يحيى - قال: بَاب تَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ . قَالَ مَالِك: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.
ومن خلال ما تقدم عرضه من أقوال في مذهب الإمام مالك يتبين لك أن الراجح هو القول بالتحريم للحديث الثابت، وهذا هو نص مالك في موطئه الذي لم يترك كتابا غيره، فمن نسب إليه قولا بالكراهة أو قولا بالإباحة فإنه يرد عليه بما سطره هو بأنامله.
وقد فسر بعضهم أكل كل ذي ناب بمأكوله كما في قوله تعالى: وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ. {المائدة:3}.
وعلى كل ؛ فالأقوال الثلاثة موجودة في مذهب مالك. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 59765.
وهذه الأقوال قال بها بعض علماء السلف ممن سبق مالكا من الصحابة والتابعين. قال القرطبي في تفسيره للآية المذكورة: وقد اختلفت الرواية عن مالك في لحوم السباع والحمير والبغال. فقال مرة: هي محرمة، لما ورد من نهيه عليه السلام عن ذلك، وهو الصحيح من قوله على ما في الموطأ . وقال مرة: هي مكروهة، وهو ظاهر المدونة لظاهر الآية ، ولما روي عن ابن عباس وابن عمر وعائشة من إباحة أكلها، وهو قول الأوزاعي.
والله أعلم.