السؤال
إخواني وفقهم الله تحية طيبة وبعد:
أريد سؤال حضراتكم بخصوص ساعات طلب العلم لمن يقرأ الكتب العلمية الإسلامية.
السؤال هو بارك الله فيكم:أنا طالب علم شرعي ولله الحمد، مغترب، لدي منهاج علمي أسير عليه، وقد وضع هذا البرنامج عن طريق الشيخ أبو ذياب الغامدي حفظه الله.
الذي أريد أن أقوله: كم عدد الساعات التي تنصحون بها يوميا، وما هو الأفضل؟ وهل يمكنكم الاستئناس بكلام بعض أهل العلم؟
هل أقرأ ساعتين أم ثلاثة أم أربعة أم أقل من ذلك؟ وللعلم أنا طريقتي منهجية أطمح من خلالها الوصول لمراتب المتعلمين في الجامعة، ولا تواجهني إشكالات ولله الحمد، لأنني أعتمد على الأشرطة وكتب أهل العلم المعاصرين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فساعات طلب العلم لا يمكن أن يوضع لها حد تنتهي إليه، وهي تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وإن كان التفرغ وحسن استغلال الوقت والاجتهاد في الطلب هو المطلب الأعلى ما لم يصل إلى حد السآمة.
فمما لا شك فيه أن طلب العلم من أولى ما تنفق فيه الأعمار وتشغل به الأوقات.
ثم نود أن ننبه السائل الكريم إلى ضرورة عدم الاكتفاء بسماع الأشرطة وقراءة الكتب، بل لابد من ملازمة العلماء والصالحين لأخذ العلم والصلاح عنهم، ولسؤالهم عن ما يشكل، ما دام ذلك ممكنا، وقد سبق التنبيه على ذلك في الفتوى رقم: 8563. ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين رقم: 4131 ، 10695.
ثم نسوق للسائل الكريم نتفا مما سطره العلامة الشيخ بكر أبو زبد في حلية طالب العلم حيث قال:
من لم يتقن الأصول حرم الوصول، ومن رام العلم جملة ذهب عنه جملة، وقيل أيضاً: ازدحام العلم في السمع مضلة الفهم.
وعليه فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله ومختصره على شيخ متقن، لا بالتحصيل الذاتي وحده، وخذ الطلب بالتدرج. قال الله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً. {الإسراء:106}. وقال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا. {الفرقان:32}. وقال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ. {البقرة:121}.
فأمامك أمور لابد من مراعاتها في كل فن تطلبه: حفظ مختصر فيه، ضبطه على شيخ متقن، عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل الضبط والإتقان لأصله.
أما الخلط في التعليم بين علمين فأكثر؛ فهذا يختلف باختلاف المتعلمين في الفهم والنشاط. والحال هنا تختلف من طالب إلى آخر باختلاف القرائح والفهوم، وقوة الاستعداد وضعفه، وبرودة الذهن وتوقده.
والأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ، والمشافهة للأشياخ، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق، وهو المعلم، أما الثاني عن الكتاب، فهو جماد، فأنى له اتصال النسب؟ وقد قيل: من دخل في العلم وحده؛ خرج وحده. أي: من دخل في طلب العلم بلا شيخ؛ خرج منه بلا علم، إذ العلم صنعة، وكل صنعة تحتاج إلى صانع، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق. وهذا يكاد يكون محل إجماع كلمة من أهل العلم؛ إلا من شذ. اهـ.
والله أعلم.