السؤال
قرأت فتاوى فضيلتكم وعلماء آخرين حول الفتح على الإمام، ولكن لدينا هنا إمام جديد في مسجدنا صاحب صوت جميل، ولكنه لا يجيد تماماً أحكام التلاوة، ولكن المشكلة الأكبر أنه يكرر دائماً نفس الآيات في الأسبوع ويخطئ في بعض الكلمات دائماً، مما يدل على أنه حفظها خطأ وليس خطأ عابراً، وهذه أمثلة ففي سورة البقرة يقول "عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" بضم الملائكة والناس وفي سورة مريم دائماً يقول"ألا تخافي ولا تخزني" بدلاً من "ألا تحزني"، ويقول "قال أنا عبد الله" بدلاً من "إني عبد الله" ويقول"وأن الله ربي وربكم" بدلاً من "وإن الله" وفي سورة الملك "فمن يأتكم" بدلاً من "فمن يأتيكم بماء معين" وهكذا، وفي خطبة الجمعة أخطأ في الدعاء فقال"اللهم اجعل الدنيا أكبر همنا" هذا غير نسيان أو سقوط آيات في التلاوة وكنت ذات مرة قد قمت بنصحه سراً لإصلاح بعض الأخطاء لكنه بعد ذلك غضب واتهمني بأنني أتتبع عوراته! فهل نتركه بدون أن نفتح عليه رغم تكرار الخطأ وعدم التغيير في المعنى، أم نرده لتكرار الخطأ ولعل الناس تحفظ عنه،علماً بأن الكثير من الناس يلاحظ عليه الخطأ في الحفظ ولست وحدي، كما أنه من الصعب تغييره لأن إدارة المسجد هي من جاءت به وهم لا علم لهم بأمور القرآن؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهكَ أولاً إلى أن الفتح على الإمام لا يكونُ إلا إذا لحن في القراءة، وأما إذا قرأ بقراءةٍ متواترة، فلا يُفتح عليه، ولو كان هذا الحرف الذي قرأ به خلاف الحرف الفاشي، قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا وغيرهم : تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بكل واحدة من القراءات السبع. انتهى.
ومن ذلك ما ذكرته ممثلاً للحن الواقع من هذا الإمام فقراءته ( وأن الله ربي وربكم ) بفتح الهمزة لا يُشرع الفتح عليه فيها، لأنها قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو من السبعة.
وأما سائر ما ذكرته فهو من اللحن بلا شك، وهو وإن كان لا يُحيل المعنى ، لكن الفتح عليه فيه مشروع.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا أخطأ الإمام في القراءة على وجه يخل بالمعنى فالواجب أن يرد عليه سواء في الفاتحة أو غيرها، وإذا كان لا يخل بالمعنى فإن الأفضل أن يرد عليه، ولا يجب. انتهى
فلا نرى لكم أن تتركوا الفتح عليه مهما كثر منه ذلك اتباعاً للسنة، ولعله أن ينتبه لهذه الأخطاء، ثم لا يعودُ إلى تكرارها.
وإذا كان هذا الإمام كثير اللحن، فإن أمكنكم تقديمُ غيره فهو أولى، لأن إمامته مكروهة ، وإن لم يُمكنم ذلك فلا حرج عليكم، لأن الصلاة خلفه صحيحة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: تُكْرَهُ إمَامَةُ اللَّحَّان ، الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِمَنْ لَا يَلْحَنُ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ ، فَإِنْ أَحَالَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ ، لَمْ يُمْنَعْ صِحَّةُ الصَّلَاةِ ، وَلَا الِائْتِمَامِ بِهِ ، إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَهُ ، فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُمَا. انتهى.
وأما زجره لك حين نصحته، فلعل طريقتك في النصح لم تكن متصفة باللين والرفق والأدب المطلوب، ويمكنكم أن تكلفوا أحد كبار السن، أو ذوي الوجاهة والهيبة ممن إذا ناصح هذا الإمام قبل منه فيناصحه.
والله أعلم.