السؤال
أنا طالبة فى مدرسة تحفيظ القرآن للنساء، وأرى أنه يتم التعنت والشدة فى تطبيق أحكام التجويد مما يجعل الانسان يصرف انتباهه للتجويد ومخارج الحروف، والشك فى عدم خروج الحرف أو الغنة من مخرجها ويصرف الانتباه عن معنى الآيات، مع العلم أننا فى حلقات تجويد متقدمة أعني حلقة تأهيل معلمات، مما يجعلنى أتضايق من هذه الأمور ولا أستشعر جمال الآيات نتيجة التركيز الشديد على الحروف والقواعد. أفتونى فى هذا الأمر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتلا، قال الله تعالى: لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا. { الفرقان:32}.
وقد أمرنا الله عز وجل بترتيله فقال تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا.
{ المزمل:4}.
ومن المعلوم عند أهل الأصول أن الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم يعم أمته إلا إذا دل دليل على خصوصيته به كما قال صاحب المراقي:
وما به قد خوطب النبي تعميمه في المذهب السني.
وقد فسر العلماء الترتيل بالتجويد وتطبيق أحكامه، وفسرعلي رضي الله عنه الترتيل بتجويد الحروف ومعرفة الوقوف، قال الناظم:
إمامُ هذي الأمة الحبر علِي قد فسر الترتيل في ورتّل
بأنـــه التجـــويــد للحــروف ضم إلــى معرفة الوقوف
ولذلك فلا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، كذلك هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم سندا متواترا.
فتطبيق الأحكام وإخراج الحروف من مخارجها وإعطائها الصفات اللازمة لها ومراعاة أماكن الوقف لا يشغل عن تدبر المعنى، بل هو مما يعين عليه ويشد انتباه السامع. ولكن لا يجوز أن يصل ذلك إلى حد التكلف المنهي عنه شرعا والمذموم طبعا. فقد جاء في كتاب النشر في القراءات العشر لابن الجزري:
فالتكلف مذموم على كل حال، وهو في هذا أحرى بالذم، فالله جل وعلا يقول: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين. [ص: 86]. وقد فسر العلماء التكلف بالتصنع والتنطع.
وإن من أشد الناس حاجة إلى معرفة القرآن وعلومه وتطبيق أحكام تجويده دون إفراط ولا تفريط هو من يستعد أو يُعد لحمل أمانة التدريس وتعليم أبناء المسلمين وتربية الأجيال ؛ فهذه أشرف مهمة وأعظم أمانة وهي مهمة الأنبياء ومن سار على نهجهم .
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى الآتية أرقامها : 117015، 62268، 26144. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم .