السؤال
أنا الحمد لله أصلي دائما ولا تفوتني صلاة عن وقتها، ولكن أريد أدلة على وجود الله، لا أريدها من القرآن الكريم وإنما بالعقل، لأني أعيش في نفسي هذه الأيام أن الله غير موجود، ربما بسبب أني تعرضت لمواقفمثل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إذا قرأت الأذكار تهرب الجن، وكنت ذات يوم مع أصدقائي في البر وتعرض لنا الجن، فقرأنا الأذكار ولم يذهب، وظلو يتعرضون بنا رغم أننا لم نؤذهم، وأريد تصحيح لذلك ولا أريد أن يكون الجواب بفلسفة غير مفهومة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما ما طلبت من الأدلة فستجدها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75468، 52377، 33504.
وأما مسألة الجن وعدم هروبها من الأذكار، فلا بد من الانتباه أولاً إلى أن المؤمن يشك في نفسه ولا يشك في ربه ودينه، ويعود باللوم والعتب عليها لا على شريعته، وإن حصل شيء ألزم نفسه العيب، وعلم أنه إنما أتي من قبلها، كما روى أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم -ثلاث مرات- لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. فأصاب أبان بن عثمان الفالج، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه فقال له: ما لك تنظر إلي؟! فوالله ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
فلم يتشكك أبان -رحمه الله- في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تفكر وعلم من أين أتي، وهذا عثمان بن أبي العاص يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي؟ فقال رسول الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
وقد يقولها أحدنا اليوم فلا يذهب عنه ما يجد، وما ذلك إلا من نقصنا نحن، وبيان ذلك كما يقول ابن القيم في (الجواب الكافي): أن الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحاً تاماً لا آفة به، والساعد ساعد قوي، والمانع مفقود، حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة لم يحصل الأثر. انتهى.
فلو رجع السائل الكريم إلى نفسه وإلى حال أصحابه، فلربما عرف أنهم متلبسون بمانع من موانع الإجابة من جهة أنفسكم، ومن ذلك الشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، ومنه استيلاء الغفلة واللهو على القلب والجوارح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الألباني. قال المناوي: أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أن الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له. انتهى. هذا ومما يجدر التنبه له أن من الجن من هم مسلمون ومن هؤلاء من هم عصاة وهؤلاء يقرأون القرآن فقد لا يتأثرون بقراءة غيرهم.
والله أعلم.