السؤال
سافرت للعمل، وتركت أبي وأمي مرضى، فماتوا بعد سفري بفترة بسيطة جدا، وأنا أشعر بالذنب الكبير لأني كنت كل شيء بالنسبة لهم، مع العلم بأني مطيع لهما، وعشت خادما لهما وهم مرضى، وهم راضون عني. ومع العلم أن لم أتركهم وحدهم فأنا أصغر إخوتي. فهل أكون بالفعل قد ارتكبت ذنبا بتركهم، وإذا كنت مذنبا فما هي كفاره ذلك ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت في حياة والديك مطيعاً لهما ولم تقصّر في خدمتهما، وكانا راضيين عنك، ولم يترتب على سفرك عنهما تضييع لحقهما، فليس فيه عقوق لهما، بل الظاهر من كلامك أنّك كنت حريصاً على برّهما، وشعور الإنسان بالتقصير فيما عليه من حقّ، ولا سيمّا في حقّ الوالدين، هو دليل صدق وعلامة خير بإذن الله، وعلى فرض أنّك قصّرت في بعض الأمور فإنّ ذلك مظنّة العفو من الله، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25}
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا قال الله تعالى: ( إن تكونوا صالحين ) أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة وقوله : ( فإنه كان للأوابين غفورا ) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. اهـ من الجامع لأحكام القرآن.
فأبشر خيراً ببركة هذا البرّ في الدنيا والآخرة ، واجتهد فيما تقدر عليه من برّهما، فإنّ الإنسان يمكنه أن يستدرك ما فاته من برّ والديه بعد موتهما، وذلك بالدعاء لهما والصدقة عنهما وصلة الرحم وإكرام أصدقائهما.
والله أعلم.