السؤال
أنا أبلغ من العمر الثانية والعشرين، وأحببت واحدة من الكلية تصغرني شهرين، أخذت أساعدها في دراستها دون البوح لها بحبي، وأنصحها وأخاف عليها، ولم يكن بيننا أي كلام خادش أو خارج حتى إننا نسلم بدون أن نصافح بعضنا، ونتقابل بالخارج لنذاكر وأساعدها أن تعمل عملا بعيدا عن ما كانت فيه-محل ملابس- ونحن في كلية هندسة، وهذا لأنني أحبها لتدينها، وجمالها، واحتشامها في ملابسها، وشخصيتها القريبة مني، وأفعل ذلك لتمهيد الارتباط، لكن المشكلة أن والداي يعرفان أني أساعدها ومع ذلك يرفضان مبدأ الارتباط دون أن يروها وبالتحديد والدتي لأن والدي ليس لديه مشكلة طالما أراها أنا مناسبة، وسبب رفض الارتباط هو وضعها الاجتماعي حيث إن والدها متوفى وهي التي تعول الأسرة بعد زواج والدها الثاني الكثير السفر، وتعيش في منطقة عشوائية، مع العلم أنها كانت تعمل بالسفارة الهندية قبل حدوث مشكلة لها هناك بسبب أنها جارة لباكستانية، فانسحبت حتى لا تحدث مشاكل تودي بها إلى السجن, ومن هنا بدأ التعارف. فهل هذا حرام أن أساعدها وأن أفكر بالارتباط بها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحب الرجل لامرأة أجنبية عنه له حالان سبق بيانهما وحكم كل منهما في الفتوى رقم: 4220.
ومما ذكرنا في الفتوى المحال عليها يتبين أن حبك لهذه الفتاة محظور، لأنك أنت الذي أدخلت هذا الحب على نفسك وتسببت فيه، أو على الأقل ساعدت على رسوخه وزيادة تعلقه بقلبك، وذلك باسترسالك في العلاقة معها وما يكون بينكما من سلام وكلام ولقاء، وهذا كله لا يجوز حتى ولو خلا من الكلام الخارج، أو التصرف الخادش كما تقول، لأنه ذريعة قوية للشر والفساد، وقد نص العلماء على منع ما هو دون ذلك بكثير كالسلام، والتشميت، والتعزية بالميت وغير ذلك.
قال النووي رحمه الله: وأما الأجنبية. فإن كانت عجوزا لا تشتهى استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه، ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزا تشتهى لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه، ومن سلم منهما لم يستحق جوابا. انتهى.
وجاء في مطالب أولي النهى: فلا يشمت الرجل شابة ولا تشمته كما في رد السلام، وتشمت المرأة المرأة، ويشمت الرجل الرجل، ويشمت الرجل المرأة العجوز والبرزة لأمن الفتنة. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (لا أجنبي شابة) فلا يعزيها إلا محارمها وزوجها، وكذا من ألحق بهم في جواز النظر فيما يظهر. اهـ.
وقال سليمان الجمل الشافعي في حاشيته على شرح منهج الطلاب: أما الأجنبي فيكره له ابتداؤها بتعزية والرد عليها ويحرمان منها. انتهى.
فإذا كان الحال على هذا النحو من التشديد في معاملة الأجنبية حتى في مثل هذه الأمور التي هي من شعائر الإسلام، مع ما يكون في التعزية من تألم النفس وانصرافها عن التفكير في الشهوات، فكيف بما سوى ذلك من الكلام بقصد الأنس ونحوه، وراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 6158، 8768، 9431.
لذا فالواجب عليك هو أن تكف عن علاقتك بهذه الفتاة وأن تنصرف عنها.
أما زواجك منها فلا حرج فيه إذا كانت صاحبة خلق ودين، وليس لأمك أن تمنعك من الزواج بها بحجة أنها فقيرة أو تسكن في مسكن بسيط، فإن هذا كله لا عبرة به في ميزان الشرع.
فإن أصرت أمك على منعك من الزواج بها فعليك طاعتها، لأن طاعتك لها في مثل هذا واجبة إذا لم يترتب على ذلك ضرر في دينك أو دنياك, كما بيناه في الفتوى رقم: 93194.
أما إن كانت نفسك قد تعلقت بهذه الفتاة، وكان تركك لها يسبب لك ضررا، فحينئذ عليك أن تحاول جاهدا إقناع أمك بالزواج منها، وأن تعلمها أن الكرامة عند الله جل وعلا إنما تنال بالطاعة والتقوى ولا قيمة لما سوى ذلك من مال أو نسب وغير ذلك، فإن أصرت على منعك فيمكنك أن تتزوج بها ولو بغير رضاها، ولكن اجتهد بعد الزواج في استرضائها وبرها, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 114921.
والله أعلم.