السؤال
بناء على سؤال سابق وقد أجيب علي بفتوى رقم 122319. زوجتي ذهبت إلى قسم الشرطة في بلاغ ضدي أنني قمت بتهديدها وهذا لم يحدث، ثم بلاغات أخرى عن محاولاتي الاعتداء عليها بالسكين، ومرة أخرى بمحاولة الاعتداء عليها بسيارتي، واستدعيت إلى قسم الشرطة وتم تحويلي إلى النيابة وقد كان قرار النيابة بحفظ التحقيق لتأكدها أن البلاغ كيدى. ذهابي إلى قسم الشرطة أمام الجيران، وترحيلي إلى النيابة. أليس هذا أذى لي؟ فهل هذا التصرف من الزوجة يعتبر نشوزا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشوز الزوجة هو استعلاؤها على زوجها، وعصيانها له، وتمردها على أوامره.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: والنشوز: هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له. فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه. انتهى.
من هنا يتبين أن ما قامت به زوجك من الخروج من بيتك مرارا لعمل مثل هذه الشكاوى الكيدية الكاذبة هو من قبيل النشوز، لما تضمنه من الخروج من بيتك بغير إذنك بلا ضرورة، وهذا بمجرده كاف في استحقاقها اسم النشوز، فكيف وخروجها بقصد إيذائك بغير وجه حق.
جاء في التاج والإكليل: والخروج بغير إذنه نشوز. انتهى.
وجاء في الشرح الكبير للدردير: أو خرجت بلا إذن لمحل تعلم أنه لا يأذن فيه. انتهى.
والناشز يسقط حقها في النفقة والكسوة والسكنى، وقد بينا في الفتوى رقم: 1103. مراتب علاج النشوز.
فإن سلكت معها هذه المراتب ولم ترتدع فلك أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها، وتضيق عليها حتى تفتدي منك بمال. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ. {النساء: 19}.
فمنع الله سبحانه عضل الرجل للمرأة ليذهب بصداقها ثم استثنى من ذلك حالة إتيانها بفاحشة مبينة، فدل ذلك على جواز العضل حينئذ لما تقرر في علم الأصول أن الاستثناء من الحظر يفيد الإباحة.
جاء في التقرير والتحبير: إذ الاستثناء من الحظر إباحة. انتهى.
وقد فسر العلماء هذه الفاحشة المبينة بما يعم الزنا والعصيان والنشوز.
جاء في تفسير ابن كثير: وقال ابن عباس، وعكرمة، والضحاك: الفاحشة المبينة: النشوز والعصيان، واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله: الزنا، والعصيان، والنشوز، وبذاء اللسان، وغير ذلك يعني: أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها، وهذا جيد. انتهى.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 76251.
والله أعلم.