السؤال
أعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب ، أو يأذن له ؛ لما رواه البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ ). و لكن هل يعتبر الذي لا يصلي و يدخن و يشرب الخمر أخي في الإسلام؟ حيث إني أعرف فتاة خطبها شاب لا يصلي و يدخن و يشرب الخمر، و أبدت له رغبتها في الحجاب فأجابها أنه يفضل أن لا تحتجب، و عندما سأله أبوها هل يصلي؟ كذب وقال: نعم أصلي، فهل يمكنني أن أبلغها أن زواجها من هذا الرجل سيكون باطلا و أني أريد الزواج منها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيحرم خطبة المرأة المخطوبة إذا حصل الركون منها إن كانت رشيدة، أو من وليها إن كانت بخلاف ذلك، هذا إذا كان الخاطب الأول غير فاسق، إما إذا كان فاسقًا فقد قال بعض أهل العلم كالمالكية بجواز الخطبة على خطبته؛ لأنه لا حرمة للفاسق، بل تكون الخطبة الثانية تخليصًا لها من الفتنة الحاصلة بزواجها من الفاسق، بشرط أن يكون الخاطب الثاني من أصحاب الدين والخلق، أما إذا كان فاسقا مثله فلا يجوز، جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: فإن ركنت لفاسق لم يحرم إن كان الثاني صالحا أو مجهولا ، إذ لا حرمة للفاسق ، بل في نكاحها تخليص لها من فسقه ، وظاهره : سواء كان فاسقا بجارحة أو عقيدة ، فإن كان الثاني فاسقا مثله حرم أيضا. انتهى.
وجاء في شرح الخرشي على مختصر خليل: أما إن ركنت لفاسق جاز الخطبة على خطبته لمن هو أحسن حالا منه، ولو مجهول الحال؛ لأنه خير من الفاسق. انتهى.
ولا شك أن من يجمع بين ترك الصلاة وشرب الخمر والتدخين فاسق لا خلاف في فسقه؛ ولذا؛ فإنه يجوز لك أن تخطب هذه الفتاة، ولو حصل الركون لهذا الشخص إن كنت من أصحاب الدين والخلق.
أما أن زواجها من هذا الشخص سيكون إن حصل باطلا فهذا فيه تفصيل: فعلى القول بكفر تارك الصلاة تكاسلا فإن زواجها منه يكون باطلا ولا شك .
وأما على مذهب من يقول إنه مجرد كبيرة من الكبائر، فهذا فيه خلاف بين العلماء؛ فهناك من قال بجواز تزويجها من الفاسق ابتداء إذا تنازلت هي ووليها عن الكفاءة وهذا رأي ضعيف، ومنهم من قال بعدم جواز ذلك. والقائلون بعدم الجواز اختلفوا فمنهم من قال بصحة النكاح مع الإثم، ومنهم من قال بفساده ووجوب فسخه، ومنهم من فرق بين أن يخشى عليها من إفساد وألا يخشى.
جاء في حاشية الدسوقي: والحاصل أن المرأة إن تركتها ( الكفاءة ) فحق الولي باق والعكس. قوله ( من فاسق ) أي وذلك لأن الحق لهما في الكفاءة فإذا أسقطا حقهما منها وزوجها من فاسق كان النكاح صحيحا على المعتمد . وحاصل ما في المسألة أن ظاهر ما نقله ح وغيره واستظهره الشيخ ابن رحال منع تزويجها من الفاسق ابتداء وإن كان يؤمن عليها منه، وأنه ليس لها ولا للولي الرضا به وهو ظاهر لأن مخالطة الفاسق ممنوعة، وهجره واجب شرعا، فكيف بخلطة النكاح، فإذا وقع ونزل وتزوجها ففي العقد ثلاثة أقوال: لزوم فسخه لفساده وهو ظاهر اللخمي وابن بشير وابن فرحون وابن سلمون. الثاني: أنه صحيح وشهره الفاكهاني. الثالث: لأصبغ إن كان لا يؤمن منه رده الإمام وإن رضيت به وظاهر ابن غازي أن القول الأول وهو الراجح. انتهى.
والله أعلم.