السؤال
ياشيخ، أنا فتاة من عائلة محافظة ولله الحمد، أحب عمل الخير. كان هناك شاب أراد خطبتي ولم يحدث شيئ رسمي وحمدت الله، وبدأت أدعو الله أن يتمها على خير، أصلي وآخذ عمرة ،وأدعو وكلي أمل بالله، وهذا الشاب ذو خلق ودين، وبعد فترة سمعت أنه خطب فتاة أخرى، حزنت كثيرا وخيم الاكتئاب والقلق عليّ مع أني كنت أدعو الله، وكنت متأملة أنه لي. وقالوا لي اتركي التفكير وأنا لا أستطيع، تعلقت به كثيرا وبدأ كل من يعرف قصتي يسخر مني، وأنا أقول أنا لم أطلب إلا الحلال، لم أفقد الأمل مع أني اعلم ان ملكته قريبة، لأني أحزن إذا سمعت خبره، وإذا دعوت الله أشعر بالراحة وكأن الله يبشرني بالخير، وأنه سوف يكون من نصيبي. أرشدني ياشيخ لبعض الأعمال المحببة إلى الله لكي يستجيب ربي دعائي.ولا تنسوني من صالح دعائكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها السائلة أن كل كائنة في الكون من زواج أو غيره إنما تجري بقضاء الله وقدره, قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}. وقال تعالى: وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ {الرعد:8}.
وقضاؤه سبحانه لعبده المؤمن خير, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
فلا تحزني لما أصابك ولا تبتئسي فربما كان زواجك منه شرا صرفه الله عنك, فإن العبد لضعف علمه وقلة صبره يجزع إذا نزل به ما يكره أو صرف عنه ما يرجو ولعله خير له، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. {البقرة:216}.
يقول ابن القيم: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة، لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد. انتهى.
فاصبري لحكم الله وقضائه، وأكثري من الدعاء أن يعوضك الله خيرا منه، ونوصيك بقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها. فقد جاء في صحيح مسلم :عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها. قالت: فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة؟! أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبى بلتعة يخطبنى له فقلت إن لى بنتا وأنا غيور. فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة.
ولا حرج عليك إن أنت دعوت الله أن يجعل هذا الرجل زوجا لك, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 40500.
ولكنا لا ننصحك بذلك لأن الأولى في مثل موقفك هذا أن تتناسي هذا الرجل، ومواظبتك على هذا الدعاء مما يذكرك به, فالأفضل أن يكون دعاؤك بالزواج من رجل صالح يعينك على أمر دينك ودنياك دون تعيين لهذا أو غيره.
أما أسباب إجابة الدعاء والطاعات المؤثرة في ذلك فقد بيناها في الفتاوى الآتية أرقامها: 113160، 106353, 11571.
والله أعلم.