الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا وإن كان جاهدا

السؤال

زوجتي تدرس في دولة أوربية وحدها، حدثت مشكلة بيننا وهي أنها تخرج مع بعض زملائها في الغربة سواء رجال أو سيدات في شكل مجموعات، وأحيانا لوحدها مع رجال لظروف اللغة، أنا لست راضيا عن ذلك. ماذا أفعل معها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما تفعله زوجتك من الخروج مع الرجال غير جائز مهما كان سببه، وكونه في بلاد الكفر مما يزداد معه الخطر ويعظم معه الإثم، فإن بلاد الكفر تموج بالفتن والشرور كموج البحر الهادر، ولا يكاد يسلم المقيم فيها في دينه ولا خلقه، فإذا انضم إلى ذلك كونها بمفردها بلا راع ولا رقيب، فقد ازداد الأمر سوءا، لأنها تكون قد أخذت بكل أسباب الفتنة وفتحت كل ذرائع الشر والفساد، ومن كان هذا حاله فلا يكاد ينجو والعياذ بالله.

جاء في الفروع لابن مفلح: من أعطى أسباب الفتنة من نفسه أولا لم ينج منها آخرا، وإن كان جاهداً. انتهى.

وهذه المخالفات العظيمة سينالك حتما من إثمها ووزرها، لأن الزوج راع لزوجته وهو المسؤول الأول عن صيانة دينها وعرضها أمام الله جل وعلا. قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا. {التحريم: 6}.

قال القرطبي رحمه الله: فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية. انتهى.

وقال صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم. الحديث رواه البخاري ومسلم.

ولو أنك التزمت الحزم والتقوى من أول الأمر ومنعتها من هذا السفر لما كان ما كان. أما أن تمكنها من أسباب الفتنة ثم تجلس بعد ذلك تلوم نفسك وتستصرخ الناس فهذا مسلك غير قويم.

فالواجب عليك هو أن تتوب إلى الله جل وعلا مما كان منك من تضييع هذه الأمانة التي استأمنك الله عليها، ثم عليك أن تأمر زوجتك بالرجوع فورا من بلاد الفتنة هذه، فإن مصلحة الحفاظ على الدين لا تساويها مصلحة. وحق على كل مسلم أن يؤثرها على ما سواها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني