السؤال
عندي طفلتان وتعليمهم والمصاريف التي نتحملها أنا وزوجي كثيرة، كما أني أبلغ من العمر 37 عاما، وحياتي ليست سهلة، حيث أنه لدينا الكثير من المشاكل، وفوجئت منذ شهر أني حامل، وأنا لا أتحمل الأمر، ونفسيتي بحالة سيئة، وأريد أن أتخلص منه، وأني أدعو الله أن لا يحملني ما لا طاقة لي به، وأعاني آلام نفسية كثيرة، والله أعلم بها، فهل علي عقاب على ذلك؟ خاصة وأن كل من حولي يقول لي إنني أعترض على إرادة الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء في حكم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح، فمنهم من قال بالإباحة مطلقا، ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط، ومنهم من قال بالكراهة مطلقا، ومنهم من قال بالتحريم. الموسوعة الكويتية. والقول الأخير هو المعتمد عندنا. وانظري الفتوى رقم: 44731، والفتوى رقم: 65114.
وإسقاط الجنين بسبب المصاريف وخشية الأعباء المادية، ذاك من سوء الظن بالله وضعف اليقين، ومن أسوإ المبررات له، وقد نهى الله عن ذلك في آيات عديدة، قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً {الإسراء:31}. وقال: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:28}.(عيلة: فقر وحاجة) وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 36389.
وكذلك لا يجوز الإجهاض بسبب التعب في التربية. وراجعي الفتوى رقم: 71399.
ولا تسترسلي مع ما يتخيله بعض ضعاف اليقين والتوكل على الله تعالى، وما يوسوس به الشيطان من التفكير فيما يطعمه به ويكسوه، فإن ذلك أمره إلى الله تعالى، فما من مولود يولد إلاّ وقد كتب رزقه وأجله وهو في بطن أمه. لا يزاد في ذلك ولا ينقص. ونحن إنما أمرنا بالأخذ بالأسباب المشروعة لا الأسباب المحرمة، وإسقاط الحمل من أجل الأمور المذكورة من الأسباب المحرمة، وحينئذ فليس للإنسان إلا التسليم لقدر الله والرضا بقضائه. وإن راودتك الوساوس فتذكري قوله تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}
وأما دعاؤك بألا يحملك الله ما لا طاقة لك به، فمشروع كما في خواتيم سورة البقرة، أما الدعاء بإسقاط الحمل فلا يجوز كما سبق في الفتوى رقم: 103475.
وعليك مجاهدة نفسك في دفع هذه الوساوس عنك، وعدم العمل بمقتضاها من محاولة إسقاط الحمل أو التلفظ بما يغضب الله تعالى كادعاء عدم وجود رزق لهذا الولد ونحو ذلك.
وما دمت تدافعين تلك الوساوس عن نفسك ولا تعملين بمقتضاها فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 35549 .
والله أعلم.