السؤال
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خدمات جعلها الله في موازين حسناتكم. بدون إطالة لي عدة أسئلة حول طلاقي: طلقت زوجتي لأنها تسبني بكلام فاحش بذيء، بل تنتف حاجبيها رغم معارضتي لها، ولكونها تفرط كثيرا في أعمال البيت من وجبات وغسيل، بل لكونها تنهرني وتنغص علي حياتي كلما زارني أو زرت صديقا، بل ذهبت أبعد من ذلك لتقذفني هي وأمها وواجهتاني بتهمة مراودة الفتيات أمام الثانويات، تزور من تشاء بدون استشارتي - وهي في بيت والدتها- وتقلب البيت رأسا على عقب كلما زرت أحدا من العائلة، وفي الأخير طلبت مني الطلاق لا لسبب إلا لأنني تأخرت عنها، لأني أعددت نفسي للصلاة وهي تريد الخروج ورأت أنني أخرتها. أسئلتي علماءنا الأجلاء تتلخص في : 1- هل هذه الأسباب كافية للطلاق، حيث إنها رأت أن طلاقي بدون عذر بل أنكرت أمام القاضي أنها طلبت مني الطلاق؟ 2- ما حكم الزوجة التي تسب زوجها؟ 3- ما حكم متاع الزوج حيث أخذت الكثير من متاعي وطالبني أبوها بنصف سرير النوم، نعم نصف سرير النوم بدعوى أنها وجدته ضمن متاعي.؟ 4- ما حكم خروجها من بيت أبيها - حيث قضت هناك - مدة العدة - دون إذن الأب أو إذن زوجها ؟جزاكم الله خيرا ونفع بكم الأمة وعذرا على الإطالة .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه من النشوز المحرم، فإذا انضم إلى ذلك خروجها على هيئة محرمة من النمص- ترقيق الحواجب - ونحوه، معرضة عن أمر زوجها بعد إعراضها عن أمر ربها ورسوله، فقد أتت صورة أخرى من صور التمرد والنشوز، فإذا زادت على ذلك بسب زوجها وقذفه فقد تقحمت كبائر الذنوب على بصيرة. وقد بينا ذلك حرمة ذلك في الفتاوى التالية: 75458، 7172، 110905.
وعلى ذلك فلا حرج عليك في تطليقها، بل إن فراق مثل هذه المرأة هو الأولى كما بيناه في الفتوى رقم:114720.
أما بخصوص متاع البيت، فما كان من ملك الزوج فلا حق فيه للزوجة، وأما ما كان من حق الزوجة سواء كان من مالها الخاص أو مما استحقته بالمهر، أو الإهداء من الزوج أو غيره فإنه حق لها، ويجب على الزوج أن يوفيه لها في حال الطلاق وغيره كاملا غير منقوص، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 17669.
أما المكان الذي تعتد فيه فهو بيت الزوجية إذا كان الطلاق رجعيا، ولا يجوز لها أن تخرج من بيته، وليس له أن يخرجها منه إلا إذا ارتكبت ما يوجب إخراجها، لقوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا. {الطلاق: 1}. والفاحشة المبينة تشمل الزنا وغيره من نشوز أو تطاول على زوجها أو أهله، فإذا فعلت فيجوز إخراجها حينئذ من البيت.
جاء في تفسير ابن كثير: وقوله: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ. أي: لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة، فتخرج من المنزل، والفاحشة المبينة تشمل الزنا، كما قاله ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبو قلابة، وأبو صالح، والضحاك، وزيد بن أسلم، وعطاء الخراساني، والسدي، وسعيد بن أبي هلال، وغيرهم. وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال، كما قاله أبي بن كعب، وابن عباس، وعكرمة، وغيرهم. انتهى.
والأصل في المطلقة رجعيا أنها تستحق النفقة فترة العدة كما تستحق السكنى، إلا أن الناشز يسقط حقها في ذلك، وعليه فلا تستحق زوجك نفقة فترة العدة بسبب نشوزها. جاء في حاشية ابن عابدين: وفي المجتبى نفقة العدة كنفقة النكاح، وفي الذخيرة وتسقط بالنشوز. انتهى.
وجاء في الحاوي للفتاوى للسيوطي: إذا طلقت الناشز وهي حامل ففي استحقاقها النفقة رأيان مبنيان على أن النفقة هل هي للحمل، أو لها بسبب الحمل. فإن قلنا: للحمل استحقت، أو لها بسببه لم تستحق، وهذا القول الثاني أظهر، وهو أنها لها فلا تستحق. انتهى.
والله أعلم.