السؤال
أود أن أعرف هل هذا مني أم من الشيطان: عندما أدعو الله مثلا يخيل لي أنني أدعو شيئا آخر بدون ذكر، وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعندما أتخيل هذه الأشياء أحس أنني أبتسم ولكن سرعان ما أغضب ولكن هذه ليست بإرادتي، فأنا والله لا أستطيع أن أتحكم في هذا، ولا أعرف هل الابتسامة مني أم من الشيطان؟ وإن كانت -لا قدر الله - مني فماذا أفعل؟ علما بأنني رأيت نفسي أنني أدعو هذا الشيء في الحلم واستغفرت الله كثيرا. فهل سأحاسب عليه؟ أم أنني الآن أعد من الكافرين والعياذ بالله؟ أنا تعبانة جدا، علما بأنني غالبا أتأخر عن الصلاة وعندما أصليها في موعدها تزول هذه الأفكار أو الوساوس. أرجو إفادتي بسرعة فأنا في حالة نفسية سيئة للغاية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر معتبر شرعا، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 408، 1490، 18839. فعليك أختي السائلة بالمبادرة للتوبة والمحافظة على الصلاة في وقتها، ففي ذلك حفظ لدينك وعافية في دنياك، حيث ذكرت أنك عندما تحافظين على الصلاة في وقتها تزول عنك هذه الأفكار والوساوس، ومن عرف الدواء واستعمله زال عنه الداء بإذن الله.
أما بالنسبة لما ذكرته من التخيلات فهي من الشيطان بلا شك، فإنه هو الذي يجتهد في الوسوسة ليفسد عليك دينك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته. متفق عليه.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه - يعرض بالشيء- لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أبو داود وأحمد، وصححه الألباني.
ومثل هذه الوساوس التي تهجم على القلب بغير اختيار الإنسان لا يؤاخذ بها العبد، فمن فضل الله تعالى ورحمته أن تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به أو يتكلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.
وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 7950، 12300.
والسائلة الكريمة، من هذا النوع إن شاء الله، لأنها تقول عن نفسها: لكن سرعان ما أغضب، ولكن هذه ليست بإرادتي فأنا والله لا أستطيع أن أتحكم في هذا.
وقد سبق لنا بيان الفرق بين الشك والوسوسة في الفتوى رقم: 120582، وكذلك سبق التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3086، 60628، 2081، 78372.
والله أعلم.