الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطورة الوسوسة على الموسوس ومن حوله

السؤال

إن لي أختا تعاني من مرض: مثانة عصبية ـ وهي أحيانا قد تبول في ملابسها، لأنها لا تستطيع أن تحبس البول وهي عندما تكون في البيت تقوم بتغير الملابس فورا، والمشكلة: أنني أعمل وإياها في نفس الدائرة الحكومية لكن كل منا في غرفة وأنا على علم أنها لعدة مرات في العمل بسبب مرضها لم تستطع أن تحبس نفسها وقد بللت ملابسها الداخلية قبل أن تذهب إلى الحمام وذلك لكوني أراها قد غسلت السروال عند عودتها من العمل وقامت بتبديل ثوبها الداخلي الذي أصابته النجاسة ووضعته في كيس من ـ النايلون ـ داخل حقيبتها حتى عودتها إلى البيت، أما بالنسبة للسرول فلا أدري ما إذا كان قد تنجس أم لا؟ وحتى إذا كان قد تنجس، هل جلست على الكرسي المخصص لها في العمل أم لا؟ وهل أصاب الكرسي بعض النجاسة أم لا؟ لكنني في كل مرة يحصل معها هذا الأمر أراها تعود وتغسل السروال وأنا لا أستطيع أن أسالها إذا كان سروالها أو كرسيها قد تنجس أم لا؟ لأنها حساسة جدا وعصبية جدا وإذا سألتها سنتشاجر ويمكن أن يجري بيننا أكثر من مشاجرة، والسؤال هنا: أنا قد أصابني شك ووجد الشيطان إلي عقلي طريقا من هذا الباب فأصبحت رغم علمي بالقاعدة الفقهية ـ أن الجاف على الجاف طاهر ـ إلا أنني أبقى محتارة وذلك بشكي أنها في حالة ما إذا كانت قد بللت الكرسي الذي تجلس عليه فهي تعود وتجلس عليه كل يوم في ملابسها النظيفة وأنها قد تعرق فيها وقد يتنجس السروال النظيف، لأن عين النجاسة قد بقيت على حالها، وأيضا أصبحت أشك في طهارة أي مكان قد تجلس به عندما تكون مرتدية سروالها الذي تذهب به إلى العمل، سواء كان في المنزل أو في العمل، وأي زيارة نقوم بها لأي أحد من العائلة من أقاربنا ينتابني شعور داخلي أنني يجب أن أخبر من نقوم بزيارته أن المكان الذي جلست به قد يكون غير طاهر، ولكنني لا أستطيع أن أخبر أحدا وأبقى مكتئبة طيلة الزيارة والشيطان يلعب برأسي ويوسوس لي حتى صرت أتجنب أن أذهب معها في أي زيارة أو أذهب إلى غرفتها في مكتبها في العمل حتى لا أجلس على كرسيها الذي أشك بطهارته أو أي كرسي في مكتبها، وأتجنب زيارة أي مكتب في عملنا قد تقوم هي بعمل زيارة له، والأمر أصبح شاقا علي،لأنني أحيانا أضطر أن أجلس في نفس المكان الذي كانت قد جلست به إذا أتت هي لزيارتي أو أذهب لمكتبها لأجل معاملة من معاملات الناس التي نعمل بها حتى ـ المبيت ـ الذي يرجعنا من العمل لم أعد أرجع به وأعود على حسابي الشخصي لظني أنه قد يكون متنجسا حينما صعدت عليه وكان بنطالها نجسا، وأن ثياب كل العاملين الذين يركبون معها في نفس ـ المبيت ـ غير طاهرة، لأنه في ـ المبيت ـ تتبدل الأماكن وكل واحد يجلس في مكان غيرمكانه في اليوم الذي قبله، وقد يكون جلس في نفس المكان الذي جلست به، لأن المقاعد في ـ المبيت ـ جلد وإمكانية التعرق عليها سهلة صيفا، وقد يبللونها في الشتاء إذا كان الجو ماطرا، لأن ملابس الركاب رطبة، حتى أصبحت أشك في طهارة أي شي كان في حقيبتها، ويوما وضعت بها الثوب داخل كيس ـ نايلون ـ لانه قد يكون تنجس من الخارج من يدها أو من أرض الحمام وكان الموبايل معها يومها في نفس الحقيبة وهي تضع الموبايل في كل مكان في البيت وحتى تحمله وقد تكون يدها مبلولة وتعود وتمسك الأثاث في البيت ويدها مبلولة أيضا، وأنا صرت أشك في طهارة أي شي، لأن الإنسان في البيت يلمس أي شيء من الأثاث وغيره، مع العلم أنها أحيانا ضع بعض الفواكه داخل الحقيبة وتكون مبلولة لتزداد وساوسي أكثرفأكثر، فهل ما أنا عليه صحيح أم هي شكوك ولاصحة لها؟ وقد سرى الشيطان بعقلي وصرت أخشى أن أجن، حتى عائلتي أصبحت تتضايق مني ومن وساوسي، مع أنني لا أخبرهم بما يدور في رأسي إلا بجزء بسيط جدا منه حتى لا يضحكون علي ويكرهونني، ودائما أمسح كل ما أراها مسكته في السر دون أن يروني، ولكن الأمر شاق جدا وأنتم أول من أفتح لهم قلبي و أخبرهم بحقيقة ما يحصل معي وكيف أتخلص منه؟.
أفيدوني جزاكم الله عني كل خير وأدامكم الله نصرا لهذا الدين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الوسوسة قد بلغت بك أيتها السائلة مبلغا عظيما، فإن كل ما ذكرته وقد وقد وقد كل هذا مبني على الوسوسة، ومن المعلوم أن الأصل في الأشياء الطهارة لا النجاسة، فإذا شك في تنجس شيء فهو طاهر بناء على الأصل، لا سيما وأن أختك كبيرة وليست صغيرة وهي مسلمة، والأصل في المسلم أنه يتوقى النجاسة فاتق الله تعالى، واتركي عنك تلك الوساوس ولا تكوني مصدر قلق لأختك وأهلك، ولا ينبغي لك أن تخبري الناس بمرض أختك بحجة أن يتقوا النجاسة، فإن هذا من هتك ستر حرمة المؤمن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني