السؤال
أنا شخص أنشر سورا قرآنية صوتية لقراء القرآن ومشايخه وخطب جمعة مفيدة صوتية، هل أستطيع مشاركة زوجتي في أجر هذا؟ وكيف ذلك؟.
أنا شخص أنشر سورا قرآنية صوتية لقراء القرآن ومشايخه وخطب جمعة مفيدة صوتية، هل أستطيع مشاركة زوجتي في أجر هذا؟ وكيف ذلك؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنعم، يجوز لك أن تشرك زوجتك معك في الأجر فيما تقوم به من أعمال صالحة، كالمذكورة في السؤال أو غيرها على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وجماعة من العلماء، قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذلك وَحَصَلَ له الثَّوَابُ. انتهى.
وفي الإقناع وشرحه: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه كالثلث أو الربع لمسلم حي أو ميت جاز ذلك ونفعه لحصول الثواب له. انتهى من كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي.
وأما كيف تشرك زوجتك في هذا الثواب، فلك أن تقول: اللهم اجعل نصف ثواب عملي هذا أو ثلثه ونحو ذلك لزوجتي، أو تنوي القدر الذي تريد أن تهديه لزوجتك من ثواب عملك دون حاجة إلى قول معين، وقد ذكر العلماء صيغا كثيرة لكيفية هذا الإهداء، وأي ذلك فعلت منها فالأمر فيها واسع ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن نصوص العلماء في هذا ما قاله البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع: ويستحب إهداء ذلك، فيقول: اللَّهم اجعل ثواب ذلك لفلان، وقال ابن تميم: والأولى أن يسأل الأجر من اللَّه تعالى، ثم يجعله له أي: للمُهْدَى له، فيقول: اللَّهم أثبني برحمتك على ذلك، واجعل ثوابه لفلان، وللمهدي ثواب الإهداء.
وقال بعض العلماء: يثاب كل من المهدي والمهدى إليه، وفضل اللَّه واسع. انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع: وقال الْقَاضِي: لَا بُدَّ من قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَثَبْتنِي على هذا فَقَدْ جَعَلْت ثَوَابَهُ أو ما شَاءَ منه لِفُلَانٍ، لِأَنَّهُ قد يَتَخَلَّفُ فَلَا يَتَحَكَّمُ على اللَّهِ، وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ من سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ أَثِبْنِي على عَمَلِي هذا أَحْسَنَ الثَّوَابِ وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كان أَحْسَنَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ. انتهى.
وقال الرحيباني الحنبلي في كتابه مطالب أولي النهي: وكل قربة فعلها مسلم وجعل المسلم بالنية ـ فلا اعتبار باللفظ ـ ثوابها أو بعضه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه ذلك بحصول الثواب له. انتهى.
ومع قولنا بجواز إهداء الثواب للميت أو الحي: لكن ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه، وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له، لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. انتهى من فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله.
وانظر فتاوى أخرى سبقت في هذا الموضوع، ومنها الفتويان رقم: 29491، 40586.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني