الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم

السؤال

أنا فتاة كنت أعاني من حالة نفسية، وقد استغل ابن أخي حالتي وأخذ يقول لي الكلام المعسول وبأنه أحبني وأنه يجوز أن أصبح عشيقته، رغم أنني عمته، وصدقته ومارست معه الجنس بدون رغبة مني، ولأنني تعالجت وشفيت، ولكن مازال في بالي ما كنت أفعله وأنا مريضة، ولأنني تائبة ونادمة على ما فات، فرجاء أريد أن أعرف الحكم الشرعي، هل أنا زانية؟ وكيف أستطيع أن أصلح ما حصل لي في الماضي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزنا من أشنع الجرائم التي تجلب غضب الله، وإذا كان مع المحارم كان أشنع وأفظع جرماً، قال الهيتمي: وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم. اهـ من الزواجر عن اقتراف الكبائر.

وهو دليل على انتكاس الفطرة وانحطاط الأخلاق وانعدام المروءة، فما وقعت فيه من الزنا مع ابن أخيك منكر عظيم، ولا يهون من إثمك استدراجه لك بالكلام المعسول ومعاناتك من مرض نفسي، فإن تحريم هذا الأمر لا يخفى على مسلم، ولا يشك فيه عاقل، فلا عذر لك إلا أن يكون المرض النفسي قد أفقدك الإدراك وسلبك الإرادة فلا تؤاخذين في هذه الحال، لكن الظاهر من سؤالك أنك كنت مدركة مختارة لهذه الفاحشة متأثرة بالكلام الشيطاني من ابن أخيك الذي لم يخش ربه، ولم يردعه دين أو خلق أو رجولة، وعلى كل حال، فإن الله بكرمه وعفوه وسعة رحمته يقبل توبة العبد مهما عظم ذنبه، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فعليك بالمبادرة إلى التوبة الصادقة وشروط هذه التوبة: الإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع في هذه الفعلة الشنيعة، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، وذلك بالبعد التام عن مقدماته ودواعيه وعدم مجاراة الشيطان في خطواته، فعليك بالحذر من الخلوة مع هذا الشاب، واجتناب أسباب الفتنة ومواطن الريبة، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، والحرص على تعلم أمور الدين اللازمة، وتقوية الصلة بالله مع سترك على نفسك، فلا تذكري هذا الذنب لأحد أبداً، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح ـ وقد ستره الله عليه ـ فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.

واعلمي أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني