السؤال
باختصار شديد أنا فتاة قوية ولا أهتم لأحد، المهم أنني بدأت بتعلم حركات مميتة وقاتلة وأخذت أفكر لو قتلت نفسا أو أكثر لو قتلت رجلا حاول أن يعتدي علي أو يصيبني بمكروه ماذا سيكون حسابي أمام الله ؟ ولو قتلت إنسانا دفاعا عن نفسي وعرضي أيضا ما حكم ذلك ؟ وجزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا أمكن للمرأة أن تتعلم فنون الدفاع عن النفس من غير أن يعرضها ذلك للاختلاط بالرجال، أو كشف العورة أو تضييع حق واجب عليها، فلا نرى مانعاً شرعياً يمنعها من ذلك.
مع أننا ننصح الأخوات بأن يصن أنفسهن ويحرصن على الجلوس في البيوت والاشتغال بالأعمال الصالحة والتحصن بالتحصينات الربانية والتعوذات المأثورة. فالمرأة صيانتها وحمايتها تكمنان في التزام الأوامر الشرعية، والتأدب بآداب نساء السلف الصالح، والتي من أهمها وأوكدها القرار في البيوت، وعدم الخروج منها لغير حاجة امتثالاً لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. {الأحزاب:33}.
وإذا اعتدى عليها معتد يريد نفسها أو عرضها ولم يمكنها الفرار فيجوز لها أن تدفعه عنها بعد التحذير وإعلامه بقدرتها ومهارتها القتالية، فان لم ينزجر ولم يمكن دفعه إلا بقتله فلا إثم عليها في ذلك.
ويدل لهذا ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد.
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: فيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلاً أو كثيراً لعموم الحديث. وهذا قول جماهير العلماء. وقال بعض أصحاب مالك لا يجوز قتله إذا طلب شيئاً يسيراً كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجماهير، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة. والله أعلم. انتهى.
وقال القرطبي في التفسير: مذهب ابن عمر والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والنعمان، وبهذا يقول عوام أهل العلم أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وأهله وماله إذا أريد ظلما، للأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص وقتاً دون وقت، ولا حالاً دون حال إلا السلطان. فإن جماعة أهل الحديث كالمجتمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع عن نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه. انتهى.
وقال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وجاز دفع صائل بعد الإنذار للفاهم وإن عن مال، وقصد قتله إن علم أنه لا يندفع إلا به.
وفي شرح مختصر خليل للخرشي: الصائل سواء كان مكلفا, أو لا إذا صال على نفس أو مال أو حريم, فإنه يشرع دفعه عن ذلك بعد الإنذار إن كان يفهم بأن يناشده الله بأن يقول له: ناشدتك الله إلا ما خليت سبيلي ثلاث مرات.. ويدفعه بالأخف فالأخف فإن أدى إلى قتله قتله. انتهى.
والله أعلم.