السؤال
أنا من ممارسي العادة السرية وفعلتها في رمضان ولم أكن أعرف أنها تبطل الصوم ولا أستطيع القضاء وأرجوكم: أريد أن أتوب، لأني شاهدت بسببها الصور والأفلام الخليعة وأريد الإقلاع عنها، أرجوكم أرجوكم أنا أحدثكم ودمعتي على خدي، مع العلم أنني لم أكن أصلي وأريد أن تلقنوني الشهادة، أريد أن أتغير، أسألكم بالله أن تلبوا طلبي قبل أن أموت.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فممارسة ما يسمى: بالعادة السرية محرم في رمضان وغيره في قول جماهير العلماء سلفا وخلفا، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 34150 ، 59510 ، 7170 ، فراجعها، ولكن تزداد حرمة ممارسة هذه العادة السرية السيئة في نهار رمضان لانتهاك حرمة الشهر، وإذا ترتب على هذه الممارسة نزول المني، بطل صومه في قول جماهير العلماء، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 31282،32452، 52640.
وأما عن قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب ممارسة العادة السرية فهذا يتوقف على حكم تارك الصلاة، فعلى قول الجمهور الذين يرون أن تارك الصلاة مرتكب لكبيرة عظيمة ويجب أن يستتاب ويقال له صل فإن لم يصل فإنه يقتل حدا، يعني يعامل معاملة المسلم ولا يكفر، فعلى هذا القول تجب عليك التوبة وقضاء ما أفطرته من رمضان، وكذا قضاء الصلوات التي تركتها، فتقضي ما فاتك من جميع الصلوات التي تحققت من تركها، وإذا لم تضبط عددها فواصل القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، كما سبق تفصيله في الفتوى التالية أرقامها: 97471 ، 61320، 70806.
وأما عن كيفية قضاء الصلوات الفائتة فذلك يكون بما لا يشق عليك، وراجع كيفية القضاء وطريقة حساب الصلوات الفائتة في الفتويين رقم: 70806 ، 61320.
وأما على قول من يرى أن كفر تارك الصلاة كفر أكبر يخرج من الإسلام، فلا يجب قضاء تلك الأيام التي أفطرتها، ولا قضاء ما فات من صلاة ويجب تجديد الإسلام بنطق الشهادتين والاغتسال، ولا تحتاج لأحد لتلقينك الشهادة، بل يكفي أن تقولهما، ثم تستقيم على أداء الصلاة وغيرها من الواجبات، كما سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 512، 1145، 5259 فراجعها.
على أنه إن كانت الصلوات وما أفطرته من رمضان، مما تطيق قضاءه ولو في زمن متطاول فقضيتها ـ احتياطا وخروجا من خلاف من لم ير كفر تارك الصلاة ـ فهذا أسلم لعاقبتك، وإذا صدقت في توبتك فإن الله سيعينك، وانشغل أولا بالتوبة والمواظبة على الصلاة وصيام رمضان، واعلم أن باب التوبة مفتوح، فمهما ارتكب العبد من معاص ثم أقلع عنها وندم على ذلك وتاب إلى الله تقبله ربه، وكان به أرحم من الوالدة بولدها، قال الغفور الرحيم: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}. وقال تعالى: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ{الأعراف: 153}. وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ{الشورى:25}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وأحمد وحسنه الألباني. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: وأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.
ونبشرك أيها السائل الكريم بقول الله سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) {الفرقان: 70}.
ونسأل الله لك التوفيق والهداية.
والله أعلم.