السؤال
رجل نصراني طلق امرأته عشرات المرات وقد أسلما. فهل يبقى معها أم يفارقها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأنكحة الكفار صحيحة عند جمهور أهل العلم ويترتب عليها ما يترتب على النكاح الصحيح من صحة طلاق وظهار ووجوب مهر ونحو ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: وأنكحة الكفار تتعلق بها أحكام النكاح الصحيح، من وقوع الطلاق والظهار والإيلاء ووجوب المهر، والقسم، والإباحة للزوج الأول والإحصان، وغير ذلك. وممن أجاز طلاق الكفار: عطاء، والشعبي، والنخعي، والزهري، وحماد، والثوري، والأوزاعي، والشافعي وأصحاب الرأي. ولم يجوزه الحسن وقتادة، وربيعة، ومالك، ولنا أنه طلاق من بالغ عاقل في نكاح صحيح فوقع كطلاق المسلم. فإن قيل: لا نسلم صحة أنكحتهم، قلنا: دليل ذلك أن الله تعالى أضاف النساء إليهم فقال: وامرأته حمالة الحطب. وقال: امرأة فرعون. وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ولدت من نكاح، لا من سفاح. وإذا ثبت صحتها، ثبتت أحكامها، كأنكحة المسلمين. فعلى هذا إذا طلق الكافر ثلاثاً ثم تزوجها قبل زوج، وأصابها ثم أسلما، لم يقرا عليه، وإن طلق امرأته أقل من ثلاث ثم أسلما فهي عنده على ما بقي من طلاقها. انتهى.
والمشهور عند المالكية فساد أنكحة الكفار، قال خليل: وأنكحتهم فاسدة.
قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني أن أنكحة الكفار فاسدة على المشهور ولا يتأتى استيفاء الشروط، لأن من شرط صحة النكاح إسلام الزوج. انتهى.
وعلى فساد النكاح لا يترتب الطلاق.
قال الشيخ الخرشي: ولو طلقها. المبالغة في أنه يقر عليها ولو طلقها... إذ لا عبرة بطلاق الكفر، فإن لزوم الطلاق فرع صحة النكاح والكفار أنكحتهم فاسدة.
وبناء على مذهب الجمهور من صحة نكاح الكفار فإذا كان النصراني المذكور قد أسلم هو وزوجته وسبق أن طلقها حال كفره ثلاث مرات فأكثر فقد حرمت عليه، ويجب عليه فراقها فوراً ولا تحل له حتى تنكح زوجاً مسلماً -في نكاح صحيح نكاح رغبة لا نكاح تحليل- ثم يطلقها بعد الدخول.
وإذا كان النصراني -الذي أسلم- مقيماً في بلد مسلم فننصحه بمراجعة محكمة شرعية، وإن كان مقيماً في بعض بلاد الكفر فننصحه بالرجوع إلى المراكز الإسلامية في بلده إن وجدت.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني