السؤال
عندي وسواس وعندنا قط داست رجله نجاسة ويدخل الحديقة المسمدة بروث الحصان ـ ومع المطر يصبح رطبا ـ ثم يدخل الحمام وهو مبلل وأغلـب الظن أن نجاسة رجله قد جفت ويتجول في كل البيت، فهل يجب تطهير كل ما يلمسه ورجله رطبة؟ علما أن ذلك شاق جدا وأن أفراد الأسرة يرفضون رحيله ـ كما تأتيني وساوس أخرى حول نجاسة جهاز التحكم ـ إن كنت لوثته قبل سنوات ـ قبل إصابتي بالوسواس، علما بأن أغلـب الظن طهارته؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلاج الوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، فإن الاسترسال معها يفتح على العبد بابا من الشر المستطير ويجعله يعيش في عناء متصل، ولذا فنحن ننصحك بأن تعرض عن هذه الوساوس ولا تعيرها أي اهتمام، وانظر الفتوى رقم: 51601، ثم اعلم أن الراجح في الدليل هو طهارة أبوال وأرواث ما يأكل لحمه من الحيوان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل حين أتوا المدينة وأذن بالصلاة في مرابض الغنم إلى غير ذلك من الأدلة، ولشيخ الإسلام كلام طويل في ترجيح هذا المذهب وهو قول مالك وأحمد وذكر شيخ الإسلام أنه إجماع من السلف، قال ـ رحمه الله: وقد ذكرنا عن ابن المنذر وغيره أنه لم يعرف عن أحد من السلف القول بنجاستها ومن المعلوم ـ الذي لا شك فيه ـ أن هذا إجماع على عدم النجاسة، بل مقتضاه أن التنجيس من الأقوال المحدثة فيكون مردودا. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 2258.
والخيل من الحيوانات مأكولة اللحم في قول الجمهور ـ خلافا للمالكية وأبي حنيفة رحمه الله ـ ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أسماء ـ رضي الله عنها ـ قالت: نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلناه.
فإذا تبين لك ما تقدم علمت أن رجل هذه الهرة لا تتنجس بالدوس في هذه الحديقة المشتملة على روث الحصان، وأنه لا حرج من أن تسير في أرجاء البيت والحال ما ذكر، وأنه لا مسوغ لهذا الوسواس الذي أوقعت نفسك فيه، ثم إن شككت في كون هذه الهرة قد داست برجلها شيئا من النجاسات أو لا فالأصل هو الطهارة فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل اليقين بخلافه، فلا يلزم تطهير ما شك في تنجسه، وانظر الفتوى رقم: 125337، وقد بينا أحوال انتقال النجاسة من جسم لآخر في الفتوى رقم: 117811 ، فانظرها للفائدة، ثم اعلم أن تطهير الأرض والبسط ونحو ذلك لا يلزم إلا إذا أريدت الصلاة عليها، لأن طهارة البقعة شرط من شروط صحة الصلاة، ومن ثم فإن تطهير ما أصابته رجل القط المتنجسة لا يجب على فرض حصول اليقين بوصول النجاسة إليه إلا إذا أريدت الصلاة عليه، وبهذا تعلم أن الأمر أيسر بكثير مما تظن ـ والحمد لله.
وأما الوساوس التي تعرض لك في نجاسة جهاز التحكم فأعرض عنها ولا تلتفت إليها وإياك والاسترسال معها لئلا توقع نفسك في شر عظيم.
والله أعلم.