السؤال
ورد في صحيح مسلم في حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنّة.
فما معنى: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنّة؟.
وجزاكم الله خيراً.
ورد في صحيح مسلم في حديث: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنّة.
فما معنى: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنّة؟.
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منة.
أي الذي إذا تصدق على أحد أو قدم له معروفا أو فعل له خيرا لا يزال يذكره له ويقول له: ألم أحسن إليك؟ ألم أتصدق عليك؟ قد فعلت لك كذا وكذا، ويكون هذا على وجه التعيير له والترفع عليه، سمع ابن سيرين رجلا يقول لرجل: وفعلت إليك وفعلت، فقال له: اسكت فلا خير في المعروف إذا أحصي.
وقال الخطابي في معالم السنن: والمنان يتأول على وجهين:
أحدهما: من المنة وهي إن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف كدرت الصنيعة وأفسدتها.
والوجه الآخر: أن يراد بالمن النقص: يريد بالنقص من الحق والخيانة في الوزن والكيل ونحوهما. انتهى.
وقد مدح الله سبحانه المنفقين الباذلين للخير الذين لا يمنون على من أحسنوا إليه، وينسون معروفهم في الدنيا راجين من الله الأجر والثواب، فقال سبحانه: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {البقرة:262}.
قال القرطبي في تفسير الآية: المن: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه.
وقال بعضهم: المن: التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه.
والمن من الكبائر. انتهى.
ومن قبح المنان أنه ينقص ماله ولا ينال أجرا ولا حمدا على ذلك، ولذا ذم الله هذا الفعل وأخبرنا أنه يحبط العمل، فقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى {البقرة:264}.
قال البغوي في تفسيره: وهو أن يمنّ عليه بعطائه، فيقول: أعطيتك كذا، ويعدّ نعمه عليه فيكدرها. انتهى.
وقال القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره: قال جمهور العلماء في هذه الآية: إن الصدقة التي يعلم الله من صاحبها أنه يمن أو يؤذى بها فإنها لا تقبل. انتهى.
وجدير بمن يرجو لقاء ربه أن يترك المن ويتنزه عنه، لما فيه من الإثم وحبوط العمل، وأعظم من ذلك أن الله عز وجل لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يزكيه ثم عاقبته العذاب الأليم ـ نعوذ بالله من الخذلان ـ وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 95508 ، المن والأذى في الصدقة وحديث النفس بذلك.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني