السؤال
توفي رجل بقريتنا وكان ذلك يوم جمعة وامتلأ المسجد عن آخره وصلى بعض من المصلين فى الطريق خارج المسجد، حيث كانوا لا يرون الإمام، بل كانوا يسمعون صوته عن طريق مكبرات الصوت، لأنه كان يفصل بينهم وبين الإمام جدار، فما حكم هذه الصلاة؟ مع العلم أن الشارع قد تعطل المرور فيه، مع وجود كثير من المساجد التي تقام فيها الجمعة بالقرية، مع العلم بأنني قرأت بأن الصلاة فى الطريق مكروهة، فهل يصح أن يتقرب العبد إلى الله بعمل تكون فيه كراهة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على هؤلاء المصلين في صلاتهم خارج المسجد عند اشتداد الزحام، وبخاصة إذا كانت لهم رغبة في تحصيل ثواب صلاة الجنازة واتباع الميت، وائتمامهم بالإمام صحيح لاتصال الصفوف، وقد رجحنا في الفتوى رقم: 127420، أن الاقتداء بالإمام يصح إذا أمكن العلم بانتقالاته ـ وإن كان المأموم خارج المسجد ـ وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا لم يجد مكاناً في المسجد وكان خارج المسجد، فإن كانت الصفوف متصلة صح أن يأتم بالإمام وإن لم يره، لأن الصفوف المتصلة كأنهم في المسجد. انتهى.
وأما ما قرأته من كراهة الصلاة في الطريق فصحيح، وقد ورد في النهي عن الصلاة في قارعة الطريق حديث فيه مقال.
قال الشوكاني مبينا علة النهي عن الصلاة في قارعة الطريق: وأما في قارعة الطريق، فلما فيها من شغل الخاطر المؤدي إلى ذهاب الخشوع الذي هو سر الصلاة.
وقيل: لأنها مظنة النجاسة.
وقيل: لأن الصلاة فيها شغل لحق المار. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: ومعنى محجة الطريق: الجادة المسلوكة التي تسلكها السابلة، وقارعة الطريق يعني التي تقرعها الأقدام فاعلة بمعنى مفعولة مثل الأسواق والمشارع والجادة للسفر ولا بأس بالصلاة فيما علا منها يمنة ويسرة ولم يكثر قرع الأقدام فيه، وكذلك لا بأس بالصلاة في الطريق التي يقل سالكوها كطريق الأبيات اليسيرة. انتهى.
فإذا علمت هذا تبين لك صحة صلاة هؤلاء المأمومين على تقدير وجود كراهة في فعلهم، فإن التقرب إلى الله لم يقع بالمكروه، وإنما وقع بالعبادة المشروعة التي هي الصلاة، والكراهة إنما هي لأمر خارج عن ذات الصلاة وهذا ما يعرف عند الأصوليين بانفكاك الجهة.
والله أعلم.