السؤال
عمري 22 سنة وأعاني من وسواس وقت الصلاة يتعبني جداً وبذات وقت الصلاة، تأتيني أفكار والعياذ بالله أن الله غير موجود- أعوذ بالله- وأنا وقت الصلاة مرة وفي الصف الأمامي والله أنني تعرقت من هذا الوسواس وكنت سأقطع صلاتي ولكن أكملت صلاتي وأنا متضايق جداً والعياذ بالله. وبعض الاحيان وأنا جالس وحدي- أعوذ بالله- أتخيل الله بصور أعوذ بالله لا أستطيع أن أصفها والله إنني أبكي وأدعو على نفسي إن كانت تقصد هذا أن لا يبقيني على وجه الأرض، وإن كانت من الشيطان أدعو الله أن يبعدها عني وإذا أتتني صور في مخيلتي عن الله جل جلاله أحاول أقفل عيوني أو أمسك رأسي أو أفعل أي شيء يشتت أفكاري. يا ليت تساعدوني يا إخوان هل أنا محاسب على هذه الأفكار والصور؟ وهل أنا كفرت علما بأنني حاولت أن أدفعها ولكن تأتي وتذهب؟ وآسف على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الوساوس التي تجدها لا شك في أنها من كيد الشيطان ومكره، يريد أن يصدك بها عن العبادة ويصرفك عما تقبل عليه من طاعة الله تعالى ويحول بينك وبين الأجر. إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. {يوسف:5}
فعليك ألا تلتفت إلى هذه الوساوس بل اصرفها عنك ما أمكن واجتهد في دفعها ومجاهدتها، وما دمت كارها لها غير راض بها ولا منشرحا بها صدرا فإنها لا تضرك البتة، بل كراهتك لها علامة على صدق إيمانك فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . قَالَ : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ: ذَاكَ صَريح الإيمان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معنى الحديث: أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد ، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحا. انتهى.
وقال أيضاً: وهذه الوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان فإذا كرهه العبد ونفاه كانت كراهته صريح الإيمان. انتهى.
فلا عليك أيها الأخ الكريم من هذه الوساوس، واعلم أن طريق علاجها والتخلص منها هو اللجأ إلى الله تعالى مقلب القلوب حتى يصرفها عنك، فاجتهد في دعائه تعالى واللياذ به، وامض في مدافعة هذه الوساوس واطرحها عنك كلما عرضت لك، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم واشغل نفسك بالعلم النافع والعمل الصالح، وتفكر في معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العلا فإن ذلك من أعظم أسباب زيادة الإيمان.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في بيان طريق علاج هذه الوساوس وأنه يكون بالصبر على الطاعة وملازمتها وعدم الاستسلام لكيد الشيطان فإنه إذا رأى ثبات العبد وصبره لم يعد يوسوس له، يقول الشيخ: قال كثير من العلماء : فكراهة ذلك وبغضه وفرار القلب منه هو صريح الإيمان والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غُلِبَ وسوس، وشيطان الإنس إذا غُلِبَ كَذَبَ. والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره لا بد له من ذلك فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا. انتهى.
فإذا عرض لك الوسواس في صلاتك أو غيرها فأعرض عنه وامض فيما أنت فيه ولا يضرك ما يعرض لك. نسأل الله لك العافية ولجميع المبتلين.
والله أعلم.