السؤال
عقدت قراني منذ: 8 أشهر ـ تقريبا ـ وظلمني أهل زوجي كثيرا، وصارت مشاكل كثيرة، ومنذ بداية المشاكل اتجهت إلى ربي، وكنت أدعوه ليلا ونهارا أن ينصرني على أبي زوجي الظالم بحب ابنه لي وعدم طلاقي منه، وكل ما يحدث أمر أتفاءل وأحسن الظن بربي فيه، ودائما أدعو لزوجي بالهداية.
وبالأمس طلقت فشعرت بالصدمة ولكنني ـ مع ذلك ـ أحسن الظن بالله وأملي فيه كبير أن يهدي طليقي وينصرني على أهله برجوعه إلي فأنا أعلم أن دعوة المظلوم مستجابة فهل ما حدث معي امتحان من الله حتى ينظر مدى صبري والتزامي حتى يحقق لي ما أريد ـ وهو النصر على أهل طليقي بهداية طليقي ورجوعه إلي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما حدث لك هو من قبيل الابتلاء، وكل ما يحدث للعباد في دنياهم، إنما هو ابتلاء من الله لهم ـ سواء كان بالخير والسراء أو بالشر والضراء ـ قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء: 35}.
فعليك أن تصبري على ما أصابك وأن ترضي بقضاء الله سبحانه، واعلمي أنه لا تلازم بين إجابة الدعاء وتحقيق المطلوب، فقد يستجيب الله دعاء عبده، ولكن لا يحقق له خصوص ما يطلبه بدعائه، ويدل لهذا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ـ ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ـ إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر.
رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه.
فإن أجاب الله دعاءك ورجعت إلى زوجك فاحمدي الله، وإن لم يحصل ذلك، فاعلمي أن هذا هو الخير، فإن الله سبحانه يعلم ما يصلحك ويناسبك فارضي بما قسم الله عز وجل لك ، واصبري واذكري قوله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
واعلمي أن الخير كله في الصبر على قضاء الله وقدره، قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 155 – 157}.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله: فليس لمن قد فتن بفتنة دواء مثل الصبر فإن صبر كانت الفتنة ممحصة له ومخلصة من الذنوب كما يخلص الكير خبث الذهب والفضة، فالفتنة كير القلوب ومحك الإيمان وبها يتبين الصادق من الكاذب.
انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 109553، ففيها نصائح لمن أصابته مصيبة أو ابتلي ببلية.
والله أعلم.