السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة تقدم أخو صديقتي لخطبتي وعمره 27 عاما وتمت الموافقة وارتاح الوالد كثيرا للشاب وأعجب بأخلاقه وذكائه، ولكن حدث اختلاف بينهم في مسألة دفع المهر والتي أوقفت موضوع الخطبة برمته، والحاصل أن الخاطب يريد عقد القران ودفع المهر الآن، وأبي لا يريد هذه الطريقة، بل يريد أن يتم دفع المهر، على أن يكون العقد قريباً من تاريخ موعد الزفاف ـ شهر 7 للميلاد ـ لكن ليست هنا المشكلة، فالمشكلة أن الخاطب وافق أبي على رأيه، ولكنه تراجع في اليوم التالي، ثم وافقه ثانية، وأيضا تراجع في اليوم التالي ليعود الخلاف من البداية، والآن أبي غاضب جدا للموقف الذي حصل ـ وهو تخلف الشاب ووالده عن كلمتهم وتبديل رأيهم بعدما تم الاتفاق ـ قائلاً إنه ليس رجلاً، وأنا الآن في حيرة كبيرة كبيرة جدا لا أملك سوى الصلاة والدعاء، فهل أعتبر الشاب سيئاً وأفسخ الخطبة؟ وإن حاولت محادثة والدي فلا أعرف ماذا أقول له؟. فأرجو منكم المساعدة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يعد هذا الشاب سيئا لمجرد تردده في حديثه مع والدك وموافقته تارة ثم مخالفته تارة أخرى وإن كان الأولى به أن يثبت على كلامه.
مع العلم أنه لا يحق للأب أن يطالب بالصداق أولا ثم يؤخر العقد والبناء بل إن كان يريد تزويجه فعليه أن يعقد له عليك ثم بعد ذلك من حق الزوج أن يدخل بك في أي وقت إذا دفع المهر، ولا يجوز لك ولا لوليك الامتناع من ذلك إلا في القدر اليسير الذي يكفي لتجهيز المرأة، فإن حصل خلاف فأراد الزوج أن يدخل أولا قبل دفع المهر وأرادت المرأة أن تأخذ المهر أولا فحينئذ يجبر الزوج على دفع المهر ثم تجبر هي على تسليم نفسها له، جاء في المجموع شرح المهذب: وحكى الشيخ أبو حامد: أن الشافعي ـ رحمه الله ـ في الإملاء قال: إذا دفع مهرها ومثلها يجامع فله أن يدخل بها ساعة دفع إليها المهر ـ أحبوا أو كرهوا ـ واختلف أصحابنا فيها، فقال الشيخ أبو حامد: يجب على الزوج الإمهال يوما واحدا، وما قال في الإملاء أراد به بعد الثلاث.
وقال القاضي أبو حامد: هل يجب عليه الإمهال؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب عليه الإمهال، لأنه قد تسلم العوض فوجب تسليم المعوض كالبيع.
والثاني: يجب عليه الإمهال، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تطرقوا النساء ليلا.
رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث جابر.انتهى.
وفي المغني لابن قدامة: قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم: أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، وإن قال الزوج لا أسلم إليها الصداق حتى أتسلمها أجبر الزوج على تسليم الصداق أولا ثم تجبر هي على تسليم نفسها.انتهى.
هذا وينبغي التنبيه على أمرين:
الأول: أنه لا يجوز لولي الفتاة أن يمنعها من الزواج إذا تقدم لها الكفؤ المرضي في دينه وخلقه ورضيت الزواج به، وإلا كان عاضلا، والأولى تعجيل العقد، فإنه عصمة من الفتن كما بيناه في الفتوى رقم: 66341.
الثاني: أن المهر حق للمرأة وليس لوليها.
والله أعلم.