الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلط مالا حراما بمال حلال فخسر فهل برأت ذمته

السؤال

شخص عمل مشروعا وبعض رأس مال هذا المشروع حرام ـ مال عام ـ وبعد فترة فشل المشروع وترتبت على ذلك خسارة، فهل هذه الخسارة تعتبر تطهيرا لهذا المال؟ أم أن عليه التصدق بما اكتسب من الحرام؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما خسره هذا الشخص من مال نتيجة لفشل المشروع لا يسقط عنه المطالبة برد ما أخذ من المال العام وهو باق في ذمته وعليه أن يرده إلى جهته التي أخذه منها، ولا يصح أن يتصدق به ـ مع إمكان إيصاله إليها مباشرة أو بواسطة ـ لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: المال المأخوذ بوجه محرم إذا خلط بمال حلال، فالواجب أن يخرج من ذلك القدر المحرم، وقدر ماله حلال له.

قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366) "قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى

وللمزيد انظر الفتوى رقم: 50478.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني