الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم القناعة بالأجر هل يسوغ أخذ المال بدون علم صاحب العمل

السؤال

أنا أعمل في مكان وآخد أجرا معينا لا يتناسب مع ساعات العمل ولا مع المجهود، وصاحب العمل يعاملني على أن هذا الأجر طيب وكثير علي، علما بأن هناك رأس مال يشتغل، ويزيد رأس المال هذا مع كل بضاعة آتي بها، وأحيانا أبقي جزءا بسيطا من هذه البضاعة لا أقيده في الدفاتر وبالتالي، آخذ مكسبه لصالحي ـ يعني لو جئت بعشرة أصناف أقيد تسعة منها والعاشر لا أقيده وآخد مكسبه ـ فهل هذه سرقة أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم.

رواه أبو داود، وصححه السيوطي والألباني.

فما دمت قد تعاقدت مع صاحب العمل على عمل معين بأجر معين واتفقتما على ذلك، فليس لك أن تأخذ شيئا زائدا على أجرك المحدد إلا بإذن صاحب العمل، وإلا كان من أكل أموال الناس بالباطل، والله جل وعلا يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة: 188}.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كل المسلم علي المسلم حرام: دمه وماله وعرضه.

رواه مسلم.

ويقول ـ أيضا: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.

رواه أحمد، وصححه الألباني.

وعلى ذلك، فعدم قناعتك بأجرك الحالي لا يسوغ لك الأخذ من مال صاحب العمل بدون علمه، وذلك لأنك وكيل لصاحب المال في شراء البضاعة، والوكالة مبنية على الأمانة، فيجب عليك تقييد كل البضاعة في الدفاتر، ولا يجوز لك أخذ شيء من الربح لنفسك بدون علم صاحب المال، فإن هذا خيانة لموكلك، وأكل لماله بالباطل.

ويجب أن تتوب إلى الله مما ذكرت أنك كنت تفعله، ومن توبتك أن ترد كل ما أخذته مما تسميه المكسب أو تستحله منه، فإن عجزت عن معرفة قدره بالتحديد ولم يستحلك منه، فالواجب أن ترد له القدر الذي يغلب على ظنك أنه مبرئ لذمتك، ولا يلزم أن تخبره بذلك، بل يكفي أن ترده له على أي وجه أمكن، وإذا كنت تشعر بالغبن، فإنه يمكنك أن تطلب منه فسخ العقد الحالي، وإبرام عقد جديد تعيدان النظر فيه من حيث العمل والأجر فإن قبل ذلك فبها ونعمت، وإلا فليس أمامك إلا الصبر حتى انتهاء العقد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني