الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات جواز أخذ الولد من مال أبيه بدون علمه

السؤال

والدي من النوعية المبذر بشدة ـ وللأسف ـ وعلى الرغم من تبذيره فإنه لا يصرف على أمي أي شيء وبمعنى أصح فهي تعيش بلقمتها فقررت أن آخذ مالا من ورائه فكنت آخذ منه 500ج مثلا: ثمن للكورس ويكون ثمن الكورس مثلا 200ج فآخذ الباقي لي أو آخذ منه فلوسا لشراء أغراض معينة وآخذ هذه الفلوس لي، وغالبا ما يحصل خلاف بيني وبينه فيمتنع عن إعطائي المال وهنا أصرف من الفلوس التي ادخرتها، وأيضا أصرف من هذه الفلوس علي أمي، فأنا حددت لها مبلغا شهريا لها كمصروف بالإضافة إلى أنني متكفلة بكل شيء خاص بها من ملبس وغيره، وبصراحة لولا هذه الفلوس التي أدخرها لما استطعت أن أعطيها ولا مليما، لأنني مازلت أدرس وليس لي عمل ولا يوجد أحد من أخواتي يعطيها شيئا ولا أستطيع أن أدعها تحتاج إلى أقاربها ـ كما قلت لك سابقا أن والدي من النوعية المبذرة على الغير وليس على زوجته ـ حتى إنه لا يصرف على علاجها ولا مليما واحدا ويمن عليها بكل شيء، فقررت أن أتكفل بها حتى لا يستمر في إهانتها بالإضافة إلى أنني أخرج من هذه الفلوس صدقة، وقد حددت مبلغا معينا كل شهر لإخراجه إلى الله وأيضا أعطي أمي مبلغا معينا، لكي تخرجه إلى الفقراء، وبصراحة أبي بذر كل شيء حتى لم يعد لدينا شيء كنا من الأغنياء وأبي ضيع كل شيء وأصبحنا من متوسطي الدخل من الطبقة المتوسطة ولدي شعور بالخوف من المستقبل، وعندما أرى أبي يبذر أمواله ويعطي أناسا لا يستحقون، لأنه يعاني من الرياء بصراحة، وأنا آسفة علي ذكر هذه الصفة فيه، فهذه الحقيقة فهو يحب أن يقول الناس إنه فعل وفعل ويفخمونه وهو في الحقيقة سيء الطباع ويظهر عكس ما يبطن ومن هنا، دفعني هذا إلى الحرص علي ادخار الأموال، فهل فلوسي حرام؟ وإذا كانت حراما فماذا أفعل بها؟.
أرجو الرد السريع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للابن أن يأخذ شيئا من مال أبيه إلا بعلم الأب وإذنه ورضاه، وإلا كان الابن سارقا في حال عدم علم الأب، وغاصبا في حال علمه وعدم رضاه، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الرجل شحيحا لا ينفق على زوجته وأولاده الذين تجب نفقتهم عليه فحينذ يجوز لزوجته وأولاده أن يأخذوا من ماله بدون علمه ما يكفيهم بالمعروف ولا يزيدون على ذلك، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 64199، ورقم: 31157.

وعلى ذلك، فأنت بصيرة بأحوالك وتستطيعين معرفة الحكم الشرعي ـ في ضوء ما ذكرناه من خلال أحوال الأب معكم ـ فإن كان الأب يعطيكم ما يكفيكم من النفقة بالمعروف على ما يليق بحالكم وحال أمثالكم من اليسار أو الإعسار كما هو مبين في الفتوى رقم: 113285، فلا يجوز لكم ـ حينئذ ـ أن تأخذوا شيئا من ماله دون إذنه.

أما إن قصر في شيء من النفقة الواجبة عليه وضن بها عليكم مع قدرته، فحينئذ يجوز لكم أن تأخذوا من ماله ما يكفيكم بالمعروف، كما بيناه في الفتوى رقم: 98911.

ولكنا ننبهك على أمرين:

الأول: أنه لا يجوز لك أن تكذبي عليه وتخبريه بخلاف الحقيقة من أثمان الأشياء وغيرها حتى تأخذي منه زيادة، ويمكنك أن تستعملي التورية والمعاريض إن تعينت هذه الطريقة وسيلة للأخذ منه.

الثاني: أنه لا يجوز لكم أن تأخذوا زيادة عن حاجتكم ولو بقصد التصدق لأن أخذكم هذا بخلاف الأصل، وإنما جاز للحاجة، فيجب أن يكون الأخذ بقدر ما تندفع به الحاجة، وعليه فلا يجوز لك أن تتصدقي بهذا المال الزائد، بل ما فضل عن حاجتكم فردوه إلى الأب.

ثم إننا ننبهك على أمرين:

الأول: أنك قلت كلاما لا يليق في جانب الأب وظننت به، وبعض الظن إثم، فتب إلى الله من كل ذلك.

الثاني: أن الإنفاق على الأقارب وذوي الرحم ليس من ما يلام عليه الشخص ما دام لم يؤد إلى تفريط منه في واجب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني