الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل البنت هبة أمها ولو شعرت بظلم لإخوانها

السؤال

جدتي وهبت لأمي قطعة أرض وقامت بنقل ملكيتها إلى أمي وبطريقة رسمية وهي بكامل صحتها ورغبتها، حيث إنها تقول إنها قد أعطت كل ابن من أبنائها شيئا وإنها تريد أن تعطي قطعة الأرض هذه لأمي مما سبب بعض الإحراج لأمي، فأرادت أن تسترضي أخواتها بأن تقسم قطعة الأرض بينهم، فكان رد فعل جدتي أنها لن تسامحها إذا وزعتها، والسؤال هنا: هل هذه الهبة جائزة؟ مع العلم أن جدتي لازالت على قيد الحياة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب على الوالدين أن يعدلوا بين أولادهم في العطية ـ على الراجح ـ مالم يكن هنالك مسوغ معتبر للتفضيل، فإن كان جاز التفضيل، قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن خص بعضهم لمعنى، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة أو عمى، أو كثرة عائلة، أواشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أوينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه.

كما أنه إذا رضي الأبناء بالتفضيل جاز، ومما يدل على ذلك ما روى مالك في الموطإ بإسناد صحيح أن أبابكر نحل عائشة دون غيرها من أبنائه.

وما روي ـ كذلك ـ أن عمر نحل عاصما دون غيره. قال الحافظ ابن حجر: وقد أجاب عروة عن قصة عائشة: بأن إخوانها كانوا راضين بذلك، ويجاب بمثل ذلك في قصة عمر.

وعلى كل، فإن الجدة ادعت أنها قد أعطت كل ابن من ابنائها شيئا ولذا، فإنه لاحرج على أمك في قبول تلك الهبة من الأم، ولاينبغي أن تتصرف بما يسيء إليها من توزيع الأرض وإن كانت تحس بظلم على إخوانها من أمها، فإما أن توزع الأرض دون علم أمها لكي لا تغضب عليها أو تؤجل ذلك إلى وفاة الجدة إن ماتت قبلها، وإلا فنيتها حسنة وقصدها طيب وعليها أن تبين لأمها وجوب العدل بين الأبناء في العطية على الراجح، لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
فلتبين لها ذلك بحكمة وموعظة حسنة حتى ترضى بقسمة الأرض بينهم جميعا إن لم تكن قد وهبت لكل أحد منهم مثلما وهبت لغيره.

وللمزيد حول العدل بين الأبناء وكيفيته بين الذكر والأنثى انظر الفتوى رقم: 6242 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني