السؤال
أنا رجل تونسي تزوجت منذ سنتين، قلت لزوجتي أنت طالق ثلاث مرات و بين المرة و المرة أشهر، وفي الثلاث حالات كنت مرتاح البال أي لم أكن غاضبا، ومنذ الطلقة الأولى لم أجامعها و لم أقرب منها وقالت لي أمي إن لم تعدها فأنا لن أرضى عنك لا دنيا ولا آخرة. فما رأي الفقهاء في هذا علما أن المتعارف عليه عندنا أنه لا يكون طلاقا إلا عن طريق المحكمة؟ وهل أعتبر آثما إذا طلقتها علما أنه ليس لي أبناء وهل أفسدت عليها مستقبلها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطلاقك لزوجتك المذكورة لا يخلو من حالتين:
الأولى: أن تكون قد طلقتها المرة الأولى ولم ترتجعها وبعد انقضاء عدتها طلقتها مرتين بينهما عدة أشهر ففي هذه الحالة تكون قد بانت منك بالطلقة الأولى، أما الثانية والثالثة فغير نافذتين لوقوعهما بعد البينونة فلم يصادفا محلا.
ففي الموسوعة الفقهية : كما اتفقوا على أنه إذا طلقها مرة واحدة, ثم طلقها ثانية بعد انقضاء عدتها, أن الثانية لا تقع عليها, لعدم كونها محلا للطلاق, لانقضاء الزوجية بالكلية, والطلاق خاص بالزوجات, وكذلك إذا طلقها ثالثة بعد ذلك , فإنها لا تقع عليها, وفي هذه الحال تكون البينونة صغرى ويحل له العود إليها بعقد جديد. انتهى.
وفي هذه الحالة لك تجديد العقد عليها إن أردت، ولا بد في ذلك من توفر جميع أركان النكاح من حضور ولي مع شاهدي عدل وصيغة داله على العقد.
الحالة الثانية: أن تكون الطلقة الثانية والثالثة وقعتا أثناء عدتها ففي هذه الحالة تكونان نافذتين عند جمهور أهل العلم وهو القول الراجح، وبذلك تكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها قبل الدخول، فإن كانت الثانية فقط هي الواقعة في العدة والثالثة بعدها جاز لك تجديد العقد عليها، وراجع في ذلك الفتوى رقم :123521.
فالحاصل أن الزوجة بعد انقضاء العدة لم تعد في عصمتك لأنها إما أن تكون قد بانت منك بينونة صغرى فلا تحل لك إلا بعقد جديد، وإما أن تكون قد بانت منك بينونة كبرى- وهي إذا كانت قد طلقت ثلاث طلقات- فلا تحل إلا بعد أن تنكح زوجا غيرك، والطلاق يحصل بمجرد التلفظ به ولا يتوقف على حكم قاض.
وبخصوص ما ذكرته عن أمك من حثها لك على العودة إلى زوجتك السابقة. فجوابه أن الأفضل في حقك إرجاعها بعقد جديد إن كانت تحل لك لما في ذلك من البر بأمك وجبر خاطرها، مع أنك لا تأثم بعدم امتثال أمرها ولا تكون عاقا لها في هذه الحالة.
ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية : ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع لا يكون عاقا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك ولا يمكن فراقه. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 18694
وأما السؤال عما إذا كنت آثما بطلاق الزوجة المذكورة، فجوابه أن الطلاق يكون على خمسة أضرب وقد بيناها من قبل ويمكن أن تراجع فيها فتوانا رقم: 12963. ولا تكون آثما إلا إذا كنت قد طلقتها في إحدى الحالات التي يحرم فيها الطلاق.
والله أعلم.