السؤال
بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينالحمد الله ربي وفقني والتزمت وعرفت أن الحج واجب ولو مرة واحدة في العمر، للأسف ولاعمري حججت في حياتي ولأتمنى أن أحج هذه السنة بإذن الله إذا أحيانا الله.
السؤال هنا: لاسمح الله إذا ربي قبضني إليه قبل بلوغ شهر الحج -عسى الله أن يطيل في أعمارنا وأعماركم ويرحمنا ويرحمكم ويرحم جميع المسلمين- هل ربي سيعاقبني على تقصيري في السنوات الماضية ؟ وكما هو معروف الحج واجب على كل مسلم ومسلمة مع العلم أني من سكان مكة المكرمة وكان باستطاعتي أن أذهب لكن ماكنت أفكر في الحج قبل الهداية أفيدونا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأت أيها الأخ الكريم حين أخرت الحج مع قدرتك عليه هذه السنين، فإن الحج واجب على كل مسلم مستطيع للحج لقوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. {آل عمران:97}.
فمن توفرت في حقه الاستطاعة وجب عليه المبادرة إلى الحج ولا يجوز له تأخيره لغير عذر لأن الحج واجب على الفور.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج ؛ لقول الله سبحانه :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.{آل عمران: 97}. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام ، قال : أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. أخرجه مسلم في صحيحه. انتهى.
وما دام الله قد من عليك بالتوبة وعرفت خطأ ما فعلته وندمت على تقصيرك هذه المدة، فليس عليك إلا أن تبادر بالحج في وقته ما دمت قادرا على الحج، فإن قبضك الله قبل أن تتمكن من أداء النسك فلا إثم عليك إن شاء الله لكونك فعلت ما يجب عليك وهو التوبة والعزم على الحج وهو ما تقدر عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأما تأخيرك الحج فيما مضى فإن توبتك تمحوه وتزيل عنك إثمه إن شاء الله.
فقد قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. { الشورى:25}.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر:53}.
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولكن إذا أدركك الموت وجب على ورثتك أن يقيموا من يحج عنك لكون الحج قد صار دينا في ذمتك وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والأولى لك أن توصي بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه.
واجتهد في الاستغفار وأكثر من النوافل وصالحات الأعمال.
نسأل الله لنا ولك حسن الخاتمة.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 40906 ، 10177، 103153.
والله أعلم.