السؤال
كنت ذات مرة أجلس فى وسيلة مواصلات عامة ومختلطة فوجدت فتاة شابة متبرجة فى ملبسها وواقفة فقمت لها لتجلس مكاني وليس فى نيتي أي شيء لها، فلم أقم لها لكي تعجب بي ولكني قمت لها محاولة لأغض بصر الناس عنها ولكن الناس نظروا إلى وكأنهم يريدون أن يقولوا لي عامل نفسك محترما وطيبا علشان تعرف تعاكسها وتمشى معاها. فهل أنا مخطئ لأني قمت لها لأني وضعت نفسي فى الشبهات أم أن كلام الناس لا يضر بأي شيء على الإطلاق؟ وهل لي أجر عند الله، علما بأن نيتي كانت سليمة؟ وماذا لو افتراضا وهذا لم يحدث معي قبل ذلك، ولكن إن حدث ووجدت فتاة ولكنها ترتدي نقابا وكانت واقفة بجانبها فتاة ولكنها متبرجة فى ملبسها ونويت أن أقوم لأجلس أحدا مكاني علما أن المنتقبة قد لا ينظر الناس إليها أما المتبرجة قد أجلسها لأغض بصر الناس عنها ولا يأخذوا ذنوبا كما أني أطمع فى ثواب الله وهذا ما في ذهني وأرجو من سيادتكم الرد والتوضيح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان قيامك لتلك الفتاة بنية تخفيف الشر وتقليل المفاسد فنرجو أن تكون مأجوراً على ذلك، ولكن ينبغي أن تحرص على ألا تعرض نفسك لمواطن الريب وإساءة الظن، فإن ذلك من المقاصد الشرعية المطلوبة.
وأما عن المسألة التي افترضت وقوعها فإن الذي ينبغي هو أن تجلس تلك المنتقبة المستقيمة ظاهراً على الشرع، وذلك لوجوه منها ما ذكرته من أن إجلاسك المتبرجة هو مظنة لإساءة الظن بك، ومنها أنه قد يكون مزيداً لفتنة تلك المتبرجة وإغراءها بالتمادي فيما هي عليه من الباطل فإنها قد تظن أن هيئتها تلك المنكرة هي سبب قيامك لها وإجلاسك إياها، ومنها أن تركك إجلاسها فيه نوع من الزجر لها فلعلها ترتدع وتنزجر حين ترى أن الناس لا يحترمونها بل يزدرونها ويمقتون ما هي عليه من الباطل.
وأيضاً فإن أهل الصلاح والدين أولى بالإكرام والتوقير، فتخفيفك عبء القيام عن تلك المستقيمة وعدم تعريضها لعنت الوقوف ومضايقة المارين لها أولى من المقصد الذي ذكرته، مع أنه ينبغي عليك النهي عن إطلاق البصر ما أمكنك ذلك، فإذا أجلست تلك المستقيمة ونهيت من يطلق بصره إلى تلك المتبرجة فقد جمعت بين المصلحتين والله يوفقنا وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.