السؤال
هل الأفضل أن يستمع طالب العلم المبتدئ إلى أشرطة ودروس ومحاضرات شيخ واحد، ويكون هو شيخه المفضل الواثق في علمه؟ أم يستمع لأكثر من شيخ، فإنني أخشى وأخاف أن أستمع إلى شيخ واحد فقط فيخطئ مرة مثلا، ولا أعرف أنه أخطأ، وأتبعه وأنا لا أعرف أنه أخطأ، وأخشى وأخاف أيضا أن أستمع لأكثر من شيخ فيتشتت عقلي. فأرشدوني بالله عليكم؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن المرء لو وفق في اختيار العالم الرباني الراسخ عند ابتداء طلبه، فلازمه وأتقن ما عنده، فهذا سيكون أدعى لوعي العلم وحفظه وفهمه وتأصيله، بخلاف ما إذا عرَّض نفسه لاختلاف مناهج الترجيح والاختيار، وما يترتب عليه من سوء الفهم والتخبط والحيرة. فإذا تعددت العلوم فلا مانع من تلقي كل علم على يد أتقن من يدرسه من المشايخ، ولاسيما إذا كانت العلوم غير تامة التلازم، كعلم التفسير وعلم الحديث وعلم الفقه. وبهذا أوصى الشيخ العثيمين في كتاب العلم وقال: لأن العلماء يختلفون في طريقة استدلالهم من الكتاب والسنة، ويختلفون في آرائهم أيضاً. اهـ.
ثم ننبه على أن هذا هو الأصوب لخصوص المبتدئ، مع تلقينه توقير أهل العلم وإنزالهم منازلهم وعدم التعصب. أما المتوسط الذي تخطى مرحلة الابتداء، وتكونت عنده ملكة ونوع اختيار، وقد تشرب آداب الطلب، فالمستحسن له أن ينوع في أهل العلم الذين يتلقى عليهم؛ توسيعا لمداركه، وإدراكا لما يفوت شيخَه أو يخطئ فيه، فقد روى الدارمي في سننه عن أيوب السختياني قال: إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره. اهـ. وأسند الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن مطر الوراق قال: مثل الذي يروي عن عالم واحد مثل الذي له امرأة واحدة، إذا حاضت بقي. قال: وروينا مثل قول مطر هذا عن أيوب السختياني قال: الذي له في الفقه معلم واحد كالرجل له امرأة واحدة. اهـ.
وقال الشيخ فؤاد بن بشر الجهني في منهج طالب العلم في تأسيس تفقهه في دين الله: إياك والتجول والتنوع في التحمل عن أهل العلم، بل وحّد مشربك ومغتذاك في التفقه في الدين من شيخ واحد، إن اجتمع فيه ما تريد من العلوم ما دمت في مدة التأسيس والتقعيد؛ لكي لا تتشتت وتتشوش، فإذا اشتد في العلم ساعدك وقوي فيه عودك فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها، لكن عندما تستطيع تمييز الحكمة وكيفية الأخذ بها. اهـ.
وقد سبق لنا بيان الخطوط والآداب الأولية للمبتدئ في طلب العلم، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20215، 4131، 18607. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 22007.
والله أعلم.