السؤال
لي أخ في الله كثيرا ما يشكو إلي عداء أبويه له وتسلطهما عليه مع كونه لم يقم بما يوجب سخطهما عليه لا في الدين ولا في الدنيا، وبصفة عامة أريد أن أستفسر عن حالته إذا تسبب الوالدان في عقوق أبنائهم لهم ولم ينصفوهم، ونظروا إلى أنفسهم نظر الكبرياء على أبنائهم بدعوى أن الله أوصى بهما ويرددان الآية المعروفة : وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ... (الآية) فنظرا إلى أنفسهما أنهم أولى بالإحسان وأخذتهم العزة بالإثم ... فهل إن كان الامتناع عن ذلك وعدم الاستجابة لهم يعتبر ضربا من العقوق وسخط الرب أم هو امتناع في محله، مع العلم أن الآية لا تتعارض مع أية أخرى وهي : وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ... ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحقّ الوالدين على ولدهما عظيم، وبرّهما من أهم أسباب رضا الله كما أن عقوقهما من أهم أسباب سخط الله ومهما كان حالهما وظلمهما لولدهما وإساءتهما له، فإن حقهما في البر لا يسقط، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد المشرك الذي يأمر ولده بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. {لقمان: 14}.
فالواجب على هذا الأخ أن يبر والديه ويحسن إليهما وليحذر من مقاطعتهما أو الإساءة إليهما وعليه طاعتهما في المعروف، أما إذا أمراه بمعصية أو بما يضره فلا طاعة لهما في ذلك.
واعلم أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت: 34} ، فإذا كان ذلك مع بعض الأعداء فكيف بالوالدين اللذين هما أرحم الناس بولدهما ؟
وإذا كان يقع من والدي هذا الأخ ظلم له فلا مانع من مناصحته لهما في ذلك بالرفق والأدب، أو الاستعانة بمن ينصحهما ممن يقبلان نصحه.
والله أعلم.