السؤال
توفي رجل، وكان يمتلك سيارة، وله أربعة من الأبناء، وقبل خروج روحه مباشرة أوصى من بجواره بأن يبيع السيارة ويتصدق بثمنها، علما بأن أبناء الرجل وزوجته في احتياج لثمن هذه السيارة؛ حيث إن المتوفى لم يكن موظفا له دخل ثابت، وبالتالى فإن أسرته الآن ليس لها دخل إلا مبلغ شهري قليل من النقابة المهنية التى كان المتوفى عضوا فيها، فماذا يفعل أهل المتوفى ينفذون الوصية ويتصدقون بثمن السيارة؟ أم يدخرون ثمن السيارة لأبناء وزوجة المتوفى؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوصية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة إذا لم تزد على الثلث، ولا تجوز ولا تنفذ الوصية بجميع المال إلا إذا أجاز الورثة ذلك، وكانوا رشداء بالغين، فترك الورثة أغنياء خير من الصدقة بالمال كله، وروى الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم. حسنه الألباني وغيره.
وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أنا ذو مال كثير، ولا يرثني غير ابنة واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بشطره؟ (نصفه) قال: لا، قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس. فقول المحتضر تصدقوا بثمن السيارة يعتبر من الوصية ولا ينفذ منه إلا قدر ثلث ماله، فقد قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الوصية لغير الوارث تلزم في الثلث من غير إجازة، وما زاد على الثلث يقف على إجازتهم، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جميع العلماء، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال أوصي بمالي كله، قال: لا، قال: فبالثلثين؟ قال: لا، قال: فبالنصف؟ قال: لا، قال: فبالثلث، قال: الثلث والثلث كثير؟ قال: وقوله عليه السلام: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند مماتكم. يدل على أنه لا شيء له في الزائد عليه... انتهى.
والوصية بأكثر من الثلث تعتبر أمراً محرماً لأنها من الإضرار في الوصية كما بيناه في الفتوى رقم: 66519.
والله أعلم.