السؤال
كنت مريضا مرضا علاجه طويل، المهم جاء ابني لزيارتنا هو وزوجته، المهم حييتهم ولزمت الفراش ووقت الغداء رفضت أن آكل معهم؛ لأنهم كانوا سيأكلون الأسماك المملحة والرنجة، بعد انصرافهم ظنت زوجتي أنني كنت أتمارض حتى لا أخرج مع ابني كي يقود سيارتي بحضوري معه حتى يتمكن من القيادة، وصار شد وجذب بيني وبين زوجتي حيث إنها تحب ابنها جدا جدا، فأقسمت وأنا في قمة غضبي القسم التالي :علي الطلاق منك بالثلاثة ما أنا راكب السيارة هذه، بالرغم من أني لا أحلف بهذه الألفاظ من قبل.
حدث هذا منذ عشرة أيام وتعرفون أهميه السيارة وضرورتها وأنا لم اركبها إلى الآن أرجو فتوى منكم بخصوص هذا الموضوع. وهل علي كفارة يمين؟ وما هي؟ أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الصيغة الصادرة منك هي صيغة حلف بالطلاق. وجمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة على أن الحلف بالطلاق كالطلاق المعلق يقع بوقوع المعلق عليه، وفصل بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم فقالا: إن نوى وقوع الطلاق عند حصول المحلوف عليه فهو طلاق معلق يقع بوقوع المعلق عليه، وإن نوى المنع أو التهديد ونحوهما فهي يمين معلقة يلزم فيها عند الحنث الكفارة فقط. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 73911، وما أحيل عليه فيها. وسبق بيان ما يلزم في كفارة اليمين في الفتوى رقم: 2053.
وعلى الراجح المفتى به عندنا فإن ركوبك لهذه السيارة على الوجه الذي قصدته في يمينك يوجب الحنث، وبالتالي وقوع الطلاق، وإنما خصصنا ذلك بقصدك من يمينك لأن الأيمان يرجع فيها إلى نية الحالف كما بيناه في الفتوى رقم: 110209.
فإن كنت تقصد عدم ركوبك هذه السيارة مطلقا في جميع الأزمان والهيئات فإن الحنث يحصل بمجرد ركوبك، وإن كنت تقصد تقييد ذلك بزمن معين أو هيئة معينة؛ كأن كنت تقصد مثلا الامتناع عن قيادتها فقط. فحينئذ تقيد اليمين بهذه الحالة فقط ولا يقع الحنث بغيرها.
وإن كان قصدك خصوص هذه السيارة فيمكنك أن تبيعها وتشتري غيرها وبذا تنحل اليمين، والأولى أن تشافه بسؤالك هذا أهل العلم، وتبين لهم مقصدك باليمين ونيتك على وجه التحديد، فإن هذا أفضل من الإجابة مع هذه الضروب من الاحتمالات. مع التنبيه على أمرين:
الأول: أن طلاق الثلاث بلفظ واحد محل خلاف بين أهل العلم، فذهب الجمهور إلى وقوعه ثلاثا، وذهب بعضهم إلى وقوعه واحدة، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 5584.
الثاني: أن الغضب الشديد الذي يخرج الإنسان عن ضبطه وشعوره بحيث لا يضبط أفعاله وأقواله لا يقع معه الطلاق. وأما ما دون ذلك فلا يمنع وقوع الطلاق على الراجح وتراجع الفتوى رقم: 1496.
والله أعلم.