السؤال
فتح المحل بعد جلوس الإمام على المنبر وشروع المؤذن في الأذان حرام لا يجوز، فأي أذان؟ أهو أول أذان للجمعة في البلاد أم أذان الجمعة التي أصليها؟ أو أذان المسجد القريب مني؟ لأنه في بلادنا توجد أوقات مختلفة للجمعة؟ وعندي محل تجاري، فلا أعرف متى لا يجوز لي أفتح المحل (يعني مقارنة بالأذان على أي أذان أعتمد في إغلاق المحل)؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبيع والشراء بعد نداء الجمعة الثاني محرم، وفي صحة العقد قولان للعلماء، ودليل تحريمه هو قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وإذا كان الأذان يقع في أوقات مختلفة لاختلاف المساجد التي تقام فيها الجمعة، فهل يعتبر في وجوب ترك البيع الأذان الذي يكون في أول مسجد، أو يعتبر الأذان في المسجد الذي تراد الصلاة فيه؟ في هذا خلاف بين العلماء، والمعتمد عند الحنابلة أن الانكفاف عن البيع يكون من أذان أول هذه الجوامع المختلفة لعموم الآية، قال في كشاف القناع: قال ولا يصح البيع في وقت لزوم السعي إلى الجمعة ( فإن كان في البلد جامعان ) فأكثر ( تصح الجمعة فيهما ) لسعة البلد ونحوها ( فسبق نداء أحدهما ) أي أحد الجامعين ( لم يجز البيع قبل نداء ) الجامع ( الآخر صححه في الفصول ) لعموم الآية. انتهى.
وأبدى الرحيباني في مطالب أولي النهى وجها بأن ترك البيع إنما يلزم بأذان المسجد الذي يريد الصلاة فيه، فإذا لم يكن يريد الصلاة في أول مسجد أذن في لم يلزمه ترك البيع، قال في مطالب أولي النهى: وَيَتَّجِهُ هَذَا ) ; أَيْ : امْتِنَاعُ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِنِدَاءِ أَوَّلِ الْجَامِعَيْنِ ( فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مَعَ إمَامِهِ ) ; أَيْ : إمَامِ الْجَامِعِ الَّذِي سَبَقَ نِدَاؤُهُ , وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ مَنْ فِي الْجَامِعِ الْمُتَأَخِّرِ نِدَاؤُهُ ; فَتَسْتَمِرُّ صِحَّةُ عُقُودِهِ إلَى الشُّرُوعِ فِي نِدَاءِ الْجَامِعِ الْآخَرِ ; كَمَا يَصِحُّ الشُّرُوعُ فِي النَّافِلَةِ بَعْد إقَامَةِ صَلَاةٍ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الدُّخُولَ فِيهَا مع إمامها وهو متجه انتهى.
وهذا القول الثاني هو الذي اعتمده العلامة العثيمين رحمه الله فقد قال ما عبارته: إنه لا يحل لرجل تلزمه الجمعة إذا سمع النداء الثاني من المسجد الذي يريد أن يصلي فيه الجمعة لا يحل له أن يتلهى عن الحضور بل يجب عليه المبادرة فورا إلى المسجد، ويجب عليه أيضا أن يدع البيع والشراء فمن باع أو اشترى بعد أذان يوم الجمعة الثاني من المسجد الذي يريد الصلاة فيه فإن بيعه محرم وهو آثم به. انتهى.
وهذا القول الثاني الذي نص عليه العلامة العثيمين وإن كان له حظ كبير من النظر، لكن الأحوط والأبرأ للذمة هو العمل بالقول الأول، وهو الامتناع عن البيع والشراء من أذان أول هذه المساجد المختلفة في وقت التأذين.
والله أعلم.