السؤال
زوجتي عربية مسلمة، والدتها غير مسلمة، أي كانت مسلمة والآن غير مسلمة، أبوها قال لها أنا لا أسامحك دنيا ولا آخرة لو أنك اتصلت بها. وهي حائرة مع العلم أنها تعيش في مكان بعيد عنها. هل تطيع أباها ولا تتصل بأمها ؟ أم يجب عليها الاتصال بأمها وخصوصا أنها لم تنجب إلا بنتها هذه ؟ بالله عليكم أريد الإجابة بالدليل واسم الداعية أو المفتي. وأرجو منكم التكرم وإعطائي رقم تليفون الخاص بالشيخ حتى أتمكن من إيضاح بعض الحقائق التي لا أستطيع كتابتها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الإسلام قد جعل للوالدين وخصوصا الأم ـ حقوقا عظيمة ولو كانت كافرة، بل ولو كانت تدعو لدينها الباطل، كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}
ولكن هذا في حق الكافر الأصلي، وأما المرتد فلا، وكون هذه الأم المسؤول عنها كانت مسلمة وصارت الآن غير مسلمة، فمعنى هذا أنها مرتدة، الردة عن الإسلام أغلظ من الكفر الأصلي، ولذلك اتفق الفقهاء أنه على ولي أمر المسلمين قتل المرتد وعدم إقراره على كفره، ولو بذل الجزية وأعلن خضوعه لسلطان المسلمين، ولا خلاص له من القتل إلا بالرجوع إلى الإسلام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 40113. ولكن هذا الحكم لا ينفذه إلا السلطان أو نائبه فلا دخل للأفراد المسلمين بالحكم على المرتد أو تنفيذ الحكم عليه.
قال الماوردي في (الحاوي الكبير): الردة عن الإسلام أغلظ من الكفر الأصلي لثلاثة معان:
ـ أحدها: أنه لا يقر على ردته وإن أقر الكافر على كفره.
ـ والثاني: أنه بتقدم إسلامه قد أقر ببطلان الدين الذي ارتد إليه، ولم يكن من الكافر إقرار ببطلانه.
ـ والثالث: أنه يفسد قلوب ضعفاء المسلمين ويقوي نفوس المشركين اهـ.
وقال الدمياطي في (إعانة الطالبين): هي ـ يعني الردة ـ تفارقه ـ يعني الكفر الأصلي ـ في أمور: منها أن المرتد لا يقر على ردته فلا يقبل منه إلا الإسلام. ومنها أنه يلزم بأحكامنا لالتزامه لها بالإسلام. ومنها أنه لا يصح نكاحه. ومنها تحرم ذبيحته. ولا يستقر له ملك. ولا يسبى. ولا يفادى. ولا يمن عليه. ولا يرث ولا يورث، بخلاف الكافر الأصلي في جميع ذلك اهـ.
والمقصود أن المرتد ليست له حرمة، بل حكمه القتل من قبل السلطان إن أصر على ردته ولم يراجع دينه، وبالتالي فحقه ساقط، والداً كان أو غير والد.
وعلى ذلك، فيلزم هذه الزوجة أن تطيع أباها وتقاطع أمها، ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان سبيلا لدعوتها لمراجعة دينها واستنقاذها من الضلالة، لا لمجرد الصلة أو كونها ابنتها الوحيدة ونحو ذلك. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 122087 ، 11768 ، 102922.
والله أعلم.