السؤال
ما الفرق بين الصلاة جماعة في البيت وفي المسجد من حيث كل شيء؟ وهل هي صحيحة أم صحيحة مع الإثم؟ وما مقدار هذا الإثم إن كان يوجد؟ علما يا شيخ والله أنا مصاب بأمراض نفسية ترتب عليها تركي للدراسة، ولن أعمل ولن أتزوج، وكل ما فيه اختلاط بالناس، وأعيش مع والدي اكتفاء بقوت يومي وكسوتي، وأنفر من الدنيا والمسؤولية، ولذتي وسعادتي في القراءة والعلم، بحيث لا أرغب في الازدياد من الدنيا على ما ذكرت ولو شفيت. كما أن هناك مشقة بدنية أيضا، وأيضا كثيرا ما أمذي أثناء انتظار الصلاة، ولا أستطيع الخروج كما أن أهل بيتي يفوتون الصلوات إلا إذا صليت بهم، كما أنني مواظب على السنن والنوافل، واعتمادي كله على رحمة الله. فهل يرضى عني؟ كما أرجو ذكر كل الكتب المتعلقة بسؤالي وحالتي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن لشهود الصلاة في المساجد فضلا عظيما، وحسبك شهادة الله لعمار المساجد بالإيمان: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ {التوبة:18}
ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمساجد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبشير المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة، والأحاديث في فضل المشي إلى المساجد وانتظار الصلاة فيها وعمارتها كثيرة جدا، فلا تفوت على نفسك أيها الأخ الكريم هذا الفضل العظيم، وتحرم نفسك من هذا الثواب، ولا تستسلم لهذا المرض وذلك الوسواس الذي يمنعك من الخير ويحول بينك وبينه، بل ينبغي أن تجاهد نفسك، وأن تسعى في الأخذ بالأسباب المعينة لك على التخلص من هذا الداء، كمراجعة الأطباء الثقات ونحو ذلك من الأسباب.
واعلم أن العلم يقود إلى الخيرات والسعي في تحصيلها، وأن الزهد في الدنيا مطلوب شرعا، ولكن ليس مطلوبا أن يكون الإنسان حبيس بيته تاركا للتكسب ومخالطة الناس، وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم سيد الزهاد قد أخبرنا أن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، وأصحابه رضي الله عنهم سادة الزهاد والراغبين عن الدنيا لم يتقوقعوا في بيوتهم وإنما ضربوا في الأرض وقاموا بحق الله وحق إخوانهم فالتأسي بهم خير، فهذه نصيحتنا لك قد صدرنا بها هذا الجواب للأهمية القصوى، نأمل أن تجتهد في العمل بها نسأل الله لك العافية وصلاح الحال والتوفيق لما فيه رضاه.
وأما عن حكم المسألة فإن جمهور الموجبين للجماعة يقولون لا تجب في المسجد، وخالف في ذلك بعض العلماء فأوجبوها فيه، والخروج من خلافهم أولى، وانظر الفتوى رقم: 128394، وبه تعلم أن صلاتك جماعة في بيتك صحيحة إن شاء الله، وعند الجمهور أنه لا إثم عليك فيها، وإن فاتك الفضل، وننصحك أن تحرص على الجماعة في المسجد خروجا من الخلاف وطلبا لكمال الأجر، وليكون ذلك سبيلا يعينك على التخلص من هذا المرض الذي تعاني منه، وأما أهل بيتك فمرهم بالصلاة وتعاهدهم في فعلها حتى يواظبوا عليها وإن لم تكن أنت معهم.
والله أعلم.