السؤال
سؤالي هذا ليس للشك ولكن ليطمئن قلبي كما قال خليل الرحمن عليه السلام. هل هناك طوائف سابقة من النصارى يقولون إن عيسى ابن الله بمعنى ولد الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وأستغفر الله العظيم مثلما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز ؟ لأن نصارى اليوم يقولون إنهم لا يقصدون بقولهم عن المسيح عليه السلام ابن الله بأنه ولد الله استغفر الله ، ولكنهم يقولون إن لها معنى مجازيا مثل ناقة الله وبيت الله، فهم يقولون عن المسيح ابن الله لها معنى مجازي. فهل بهذا يمكننا القول أن نصارى اليوم ليسوا مشركين لكنهم كفار لأنهم وصفوا الله بما لا يليق بجلاله سبحانه من تجسد تعالى الله، وتحريف لكلام الله وتكذيب لما جاء به حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الدعوى لا تثبت لا لفظا ولا معنى، وعقيدة النصارى المعاصرين في المسيح أشهر من أن تتحمل مثل هذه الدعوى. فهم على اختلاف مذاهبهم ونحلهم قد اتفقوا على عقيدة أن الإله واحد في أقانيم ثلاثة: الأب، والابن، والروح القدس، والمسيح هو "الابن"، وهم يضطربون في تفسير الأقانيم اضطرابا شديدا، كما اضطربوا في حقيقة المسيح نفسه مع إثبات ألوهيته عندهم، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتويان: 30506، 9985.
وهذه العقيدة الباطلة لا تعتمد على التوراة والإنجيل وإنما تعتمد على قرارات المجامع المسيحية، فهي التي قررت ألوهية المسيح وبنوته، ولم يكن لذلك سند إلا هذه المجامع التي لم يؤخذ فيها حتى برأي الأغلبية! وإنما كانت الكلمة لمن وافق الرومان في وثنيتهم وضلالهم، كما سبق بيانه مع بيان المراجع المتعلقة بذلك في الفتوى رقم: 10326.
ثم إذا فرضنا أن نصرانيا ادعى اليوم أن بنوة المسيح وإضافته لله تعالى، من جنس الإضافة في قولنا: ناقة الله، وبيت الله. ولا تعني أنه ولد الله سبحانه وتعالى. فهذا ينبغي أن يوجه الحوار معه إلى محورين:
ـ المحور الأول: أن الإضافة في قولنا: ناقة الله، وبيت الله .. ونحو ذلك، لا تعني من قريب ولا من بعيد أن شيئا من ذلك له شيء من خصائص أو صفات الألوهية بله الربوبية.
وبالتالي فإنه لا يستحق أن يصرف له أي نوع من أنواع العبادة، وفاعل ذلك مشرك بالله تعالى. فإن أقر بذلك لزمه أن يقر أن الكنائس اليوم لا تقوم إلا على الشرك الأكبر، حيث تصرف فيها العبادات بأنواعها للمسيح عليه السلام، بل ولأمه الصديقة. حتى الصلوات نفسها إنما تقام على اسم المسيح، بل حتى الحساب في الآخرة يعتقد النصارى أن المسيح هو الذي يقضي فيه بين الناس.
ـ المحور الثاني: أنه لو فرضنا أن النصارى اليوم جميعا لا يشركون بالله تعالى في أي نوع من أنواع العبادة، فإن ذلك لا يمحو عنهم وصمة الكفر، حتى يؤمنوا بجميع الرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، وجميع الرسالات السماوية وآخرها الإسلام، وقد سبق لنا تفصيل هذا المعني في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3670، 17856، 59524، 64513، 5750، 7299، 130554.
ولمزيد الفائدة عن النصرانية يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 27986.
والله أعلم.