السؤال
أبي كثير الزواج، وفي كل مرة تأخذ زوجته أمواله وتتركه، وأمي تعذبت كثيرا، وفي زيجته الأخيرة علمنا أنه يريد بيع الشقة التي نقيم فيها وشراء واحدة أخرى أقل منها مستوى، فتكلمنا معه، فقال إنه يريد بعض النقود فصرفناها له حتى يكتب لنا الشقة، مع العلم أن الشقة عليها أقساط، وبالفعل عمل لنا تفويضا في الشهر العقاري ببيع الشقة لنا، فسددنا أقساطها واستخرجنا عقدا نهائيا لنا، فإذا هو بعد أن صرف النقود على زوجته وتركها يقول إننا خدعناه، فأريد أن أعرف هل له حق أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما حصل من هذا الوالد لأبنائه في هذه الشقة، ـ سواء أكان بيعا أو كان هبة ثواب، لا يصح له الرجوع فيه، فأما البيع فواضح، وأما هبة الثواب ـ وهي التي يشترط فيها العوض ـ فلأن أحكامها أحكام البيع، ولا يجوز للأب أن يعتصر ما وهبه لأبنائه ما دام بعوض، كما سبق التنبيه عليه في الفتاوى التالية أرقامها: 103810، 65302، 65529.
والتفويض الذي كتبه لكم أبوكم في الشهر العقاري يعد إقباضا لكم، لأن العرف الآن جار بأن التفويض في الشهر العقاري وتسجيل البيع فيه يعد إقباضا، والراجح أن القبض يرجع فيه إلى العرف، قال ابن قدامة في المغني: قبض كل شيء بحسبه، فإن كان المبيع دراهم أو دنانير فقبضها باليد، وإن كان ثيابا فقبضها نقلها، وإن كان حيوانا فقبضه تمشيته من مكانه، وإن كان مما لا ينقل ويحول فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه لا حائل دونه، لأن القبض مطلق في الشرع فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإحراز والتفرق، والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا. هـ.
ولذلك لا يشترط الحنابلة أن يكون المقبوض غير مشغول بحق غيره، فلو خلى البائع بين المشتري وبين الدار المباعة وفيها متاع للبائع صح القبض، لأن اتصالها بملك البائع لا يمنع صحة القبض.
والذي ننصح به أن تترفقوا بوالدكم وتحسنوا إليه وتجتهدوا في نصحه وبره، وتستعينوا على ذلك بأهل الخير والحكمة من أقاربكم ومعارفكم.
والله أعلم.