السؤال
نرجو منكم بيان كافة مذاهب العلماء في مسألة نفقة الرجل على زوجته وأولاده وكيفية ذلك بالتفصيل، وما حكم إعطاء الرجل زوجته نفقة البيت ومصروفه نقدا في يدها مع تبذيرها وقلة رشدها في الإنفاق؟ وهل يكفيه أن يجلب احتياجاتهم إليهم، وبيان الجمع بين ذلك كله؟ وبين قوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ـ وقد فسرها ابن عباس فقال: النساء والصبيان, وما بينه الله تعالى في كتابه لما وصف الرجال بالقوامة ثم بين سبب هذه القوامة، فقال تعالى: وبما أنفقـوا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مذاهب أهل العلم متفقة على وجوب نفقة الرجل على زوجته بالمعروف، لقول الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا. { الطلاق: 7 }.
وليس في الشرع كيفية محددة، وإنما يعمل في ذلك بعرف الناس وحسب وسع حالهم وضيقه، لقوله صلى الله عليه وسلم لهند ـ رضي الله عنها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري وغيره.
ولا مانع شرعا أن يعطي الرجل زوجته النفقة ومصروف البيت، إذا كانت رشيدة، ولا يتعارض ذلك مع قول الله تعالى: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ. { النساء: 5 }. لأن السفهاء هم الذين يبذرون المال ولا يحسنون حفظه وتدبيره والتصرف فيه ـ سواء كانوا رجالا أو نساء ـ كما سبق بيانه في الفتوى: 27452.
ولا يتنافى ذلك ـ أيضا ـ مع قوامة الرجل وإنفاقه على عياله، لأن المال ماله وهي بمنزلة الوكيل أو النائب، ومع ذلك، فالأصل أن يباشر الرجل القيام بالنفقة وتدبير شؤونه بنفسه.
وما ذكر عن ابن عباس من تفسير السفهاء في الآية المذكورة: بالنساء والصبيان ـ لم نقف عليه، وإنما ذكره الطبري عن بعض السلف، فقال: اختلف أهل التأويل في السفهاء الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم، فقال بعضهم: هم النساء والصبيان.
وعلى كل حال، فلا يوجد تعارض بين الآية وما ذكرت حتى نحتاج إلى الجمع.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين رقم: 7455، ورقم: 48166، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.