الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عما ورد في السؤال، فإننا نهيب بعموم المسلمين أن يتلقوا الأحاديث من مظانها الموثوقة، وألا يتساهلوا في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن شأن ذلك عظيم، وقد كفانا أهل العلم المؤنة ولله الحمد فبينوا الصحيح من السقيم، وميزوا المقبول من المردود، فعلى المسلم أن يتحرى النقل من كتب أهل العلم من أهل السنة الموثوقين، وأن يتجنب ما يتناقله أهل البدع فإن الغالب عليه هو الضعف.
فأما حديث جابر: كان لا يؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره. فقد رواه أبو داود بلفظ: لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره. وهو حديث ضعيف.
قال في البدر المنير: وأما حديث جابر المرفوع : لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره. فهو حديث في سنن أبي داود وإسناده ضعيف بسبب محمد بن ميمون المفلج المذكور في إسناده، فإن البخاري قال : منكر الحديث . وقال أبو زرعة الرازي : كوفي (لين) وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا.
ورواية لا يؤخر الصلاة. رواها الدارقطني ولا تصح أيضا. ولتنظر الضعيفة للألباني رقم: 4252. والثابت في الصحيح أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم العشاء على الصلاة، وفي مسلم: لا صلاة بحضرة طعام.
وقد جمع العلماء بين الحديثين على فرض ثبوت حديث جابر بحمل حديث جابر على ما إذا تضيق الوقت أو كان لا يتوق إلى الطعام.
قال البغوي رحمه الله في شرح السنة: وهذا في حق المتماسك في نفسه، أو إذا كان في الوقت ضيق يخاف فوته، فيبدأ بالصلاة. انتهى.
وأما الأثر المذكور عن علي رضي الله عنه فلم نجده، ولا نظنه يصح، وشقه الأول بمعنى ما روي عن جابر ومضى الكلام عليه.
وأما الأثر المروي عن ابن طاوس فلم نجده ولم نجد من وصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، وإنما ورد نحو هذا في صفة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فروى عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش ومنصور عن مجاهد قال: كان عبد الله إذا صلى كأنه ثوب ملقى.
وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ولصدره أزيز كأزيز المرجل فهذا ثابت عنه صلوات الله وسلامه عليه، فروى أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
وأما قيامه صلوات الله وسلامه عليه في الصلاة حتى تورمت قدماه فثابت أيضا، فعن المغيرة بن شعبة قال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقوم ويصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه فيقال له فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا. رواه الجماعة إلا أبا داود.
ومع ثبوت هذا والذي قبله في أصول السنة المسندة، وثبوت حديث المغيرة في الصحيحين، فمن القصور البين نسبة هذا إلى بعض الصالحين أو إلى علي زين العابدين رحمه الله.
ونختم بالتنبيه الذي صدرنا به وهو ضرورة الاعتماد في رواية الأحاديث ونقلها عن كتب أهل السنة المعتمدة، وتجنب مما لا يصح منها مما يتداوله أهل البدع ويتناقلونه، وأما نشر هذه الأحاديث فيجوز نشر ما ثبت منها وصحت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره.
والله أعلم.