السؤال
ما حكم التالي:كنت أدخر أموالي في أحد البنوك الربوية منذ سنين، ولم تكن في تلك الفترة بنوك إسلامية غير بنك اسمه إسلامي، لكن تعاملاته ليست إسلامية، وحديثاً افتتح بنك إسلامي وتعاملاته إسلامية، لكنه ضعيف وهناك مخاطر تدور حوله في بعض القضايا في البلد ـ من حيث الاعتراف به، أو قصفه من قبل الأعداء ـ وفي هذه الأوقات قام البنك الربوي الذي أدخر أموالي عنده بعمل قرعة للحسابات وفزت براتب مدى الحياة من هذا البنك.والسؤال:ماحكم الادخار في هذا البنك قديما وحديثا؟ وما حكم الراتب مدى الحياة الذي حصلت عليه؟ وهل من الممكن استخدامه للعلاج، والذي يحتاج إلى تكاليف عالية لا يمكن توفيرها بسهولة؟ وهل يمكن استخدامه ـ أيضاً ـ في بناء منزل أو شراء قطعة أرض؟ مع العلم أنني أسكن في منزل قديم لا أملكه كاملاً ولا قطعة الأرض التي بني عليها. وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبنك الربوي لا يجوز إيداع المال فيه ومعاملته إلا عند الضرورة ـ كأن يخاف الشخص على ماله ولا يجد بنكا إسلاميا ـ جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
أما بخصوص الجوائز التي تقدمها البنوك الربوية لمن يودع لديها ماله: كمنح راتب مدى الحياة ونحوه ـ فإنما هي حيلة تلجأ إليها بعض البنوك الربوية، لتضلل الناس، فلا تعلن عن فوائد ربوية، وإنما تضع جوائز، يتم السحب عليها أوتُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر وهكذا، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالاً، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله، وإنما هي فوائد الربا، يوزعها بهذه الطريقة، بدلاً من توزيعها على جميع العملاء، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر، يقول الدكتور علي السالوس في كتابه: معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام: وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافاً ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية، بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة، لتشمل عدداً أقل بكثير جداً من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة، وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضيئل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئاً.
فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيب مجموعة كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحاً بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا، فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة، ألا يمكن ـ إذن ـ أن تكون المجموعة ـ ج ـ أسوأ من أختيها؟. انتهى.
وبناء عليه، فإن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي محرمة، ومن أخذ شيئاً منها ـ سواء كان راتبا مدى الحياة أو غيره ـ وجب عليه أن يتخلص منه ـ بإنفاقه في وجوه البر ومصالح المسلمين ودفعه إلى الفقراء والمساكين ـ ولايجوز لآخذها أن ينتفع بها في خاصة نفسه، إلا إذا كان فقيرا محتاجا إليها فيأخذ قدر حاجته، قال النووي في المجموع: وله ـ أي حائز المال الحرم ـ أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، وله أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضاً فقير.
وانظر الفتوي رقم: 18727
والله أعلم.