السؤال
أب ترك زوجته وأولاده لا يصرف عليهم وأقام في منزل أسفل منزلهم متخفيا، لكي لا تطلب منه أي نفقات، فما الحكم في ذلك؟ وكيف للأبناء أن يبروه وهو هارب عنهم ولا يريد الإنفاق عليهم؟ مع العلم بأنه كان في يده وبإستطاعته أن ينفق عليهم أحسن الإنفاق، ولكنه يتهرب دائما من عمله ويتركه، فهو يحب ذلك، فماذا نحن فاعلون مع شخص في مثل تلك الصفات؟ مع العلم أن الأبناء قد فاض بهم الكيل وهم الآن يصرفون على أنفسهم وعلى أمهم من عملهم، لكي لا يموتوا جوعا، وهم الآن هم والزوجة يكرهونه ولا يطيقون أن ينظروا في وجهه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الرجل أن ينفق على زوجته، كما يجب عليه ـ إن كان غنيا ـ أن ينفق على أولاده الفقراء أو العاجزين عن التكسب بالمعروف، فإن امتنع من الإنفاق عليهم مع قدرته، فقد ارتكب إثماً عظيماً، فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ. رواه مسلم.
ومن حقّ زوجته رفع الأمر للقضاء ليلزم هذا الرجل بالإنفاق عليها بالمعروف، قال ابن قدامة: فإن قدرت له على مال أخذت منه قدر حاجتها ولا خيار لها، وإن لم تقدر رافعته إلى الحاكم فيأمره بالإنفاق ويجبره عليه، فإن أبى حبسه، فإن صبر على الحبس أخذ الحاكم النفقة من ماله، فإن لم يجد إلا عروضا أو عقارا باعها في ذلك.
وإذا لم تتمكن من الحصول على نفقتها فلها فسخ النكاح، قال ابن قدامة: وإن غيب ماله وصبر على الحبس ولم يقدر الحاكم له على مال يأخذه أو لم يقدر على أخذ النفقة من مال الغائب فلها الخيار في الفسخ في ظاهر قول الخرقي واختيار أبي الخطاب.
وأما أولاده: فمن كان منهم مستغنيا بمال أو كسب، فلا نفقة له، ومن كان بلا مال ولا كسب فله على أبيه النفقة وانظر الفتوى رقم: 25339.
لكن على الأولاد بر أبيهم والإحسان إليه.
أما بغضهم له بسبب ظلمه لهم: فلا حرج عليهم في ذلك، لكن لا يجوز لهم مقاطعته أو الإساءة إليه، وإنما عليهم زيارته وتفقد أحواله، فإن قاموا بما يجب عليهم، ولكنه امتنع من رؤيتهم، فلا حرج عليهم.
والله أعلم.