السؤال
سبق وأن سافرت لمكة المكرمة، ولم نجلس بها سوى يوم واحد، وأنا من الرياض. فجمعت صلواتي وقصرتها، ثم ذهبنا لمدينة الطائف التي تبعد قرابة السبعين أم ثمانين كيلو لست متأكدة.
ومع ذلك جمعت وقصرت ؟! جلسنا هنالك قرابة خمسة أو ستة أيام .! لا أتذكر ولكن أهلي احتجوا لي بأنه لا يجوز لي التقصير أو حتى الجمع لأنه انتهت المدة التي رخّصت لي بها الجمع أو التقصير أي ثلاثة أيام ؟
وأنا كنت شبه متأكدة بأن الوقت المرخص لي بأن أجمع أو أقصر فيه هو خمسة أيام. وأن المسافة التي أكون بها مسافرة هي خمسين كيلو ؟ { كنت شبه متأكدة ] ولكن شككت وخاصة بعد كلام أهلي ؟!
فلا أعلم هل صلاتي في مدينة الطائف صحيحة ؟!
ومتى أعتبر نفسي مسافرة وكم يحق لي أن أجمع وأقصر إن مكثت في مكان معين ؟!
أي كم يوم ؟ مع العلم بأني لم أكن أعلم بأنني سأطيل المكوث في الطائف. وغير ذلك؟
أثناء مكوثي هناك كنت أرتدي جوربا فيه الشروط التي تسمح لي بالمسح فيه .وكأنني { لست متأكدة ] أنه وقعت عليه نجاسة. ونويت أن أخلعه ولكنني نسيت. ومكثت أصلي به عدة صلوات.
فسؤالي هو: ما حكم صلاتي في ذلك، مع العلم بأنني لست متأكدة 100% + أنني نسيت تماما ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمفتى به عندنا هو أن المسافة المبيحة للقصر مقدرة بأربعة برد وهو ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا بين طرفي البلدتين، فمن خرج في سفر تبلغ مسافته هذا المقدار سن له القصر وجاز له الجمع بين الصلاتين حتى يرجع إلى بلده، إلا إن نوى الإقامة في بلد مدة أربعة أيام فصاعدا فهنا يزول عنه اسم السفر على المفتى به عندنا وهو قول الجمهور، ومن ثم فلا يجوز له الترخص برخص السفر من القصر والجمع والمسح فوق يوم وليلة، وانظري الفتوى رقم: 115280.
ومن أقام ببلد ونوى إقامة أقل من أربعة أيام فله القصر والجمع، وكذا إذا أقام في بلد لحاجة لا يدري متى تنقضي، ولم ينو الإقامة فإنه يقصر جميع مدة إقامته وإن طالت.
قال البهوتي في الروض: (أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة) لا يدري متى تنقضي (قصر أبدا)غلب على ظنه كثرة ذلك أو قلته لأنه عليه السلام أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة رواه أحمد وغيره، وإسناده ثقات. انتهى.
وبه تعلمين أن قصرك وجمعك في اليوم الذي أقمته بمكة كان جائزا لك، وأما قصرك وجمعك بالطائف فإن كنت لم تنو إقامة أربعة أيام فأكثر، وكنت لا تدرين متى تخرجين من الطائف -كما يفهم من سؤالك- فترخصك برخص السفر من القصر والجمع كان جائزا لك، ومن ثم فصلاتك صحيحة لا تلزمك إعادتها، وأما إن كنت نويت إقامة أربعة أيام فأكثر فترخصك برخص السفر والحال هذه لم يكن جائزا، ومن ثم فعليك أن تقضي جميع الصلوات التي قصرتها في تلك المدة في قول الجمهور، وأما شكك في إصابة النجاسة للجورب فلا أثر لها لأن الأصل بقاء الطهارة وهو يقين فلا يزول بمجرد الشك، وانظري الفتوى رقم: 128341 ورقم: 108625، وعلى فرض كونك متيقنة من أن النجاسة قد أصابت هذا الجورب فلا يلزمك شيء كذلك، فإن اجتناب النجاسة وإن كان شرطا في صحة الصلاة لكنه يسقط بالعذر كالجهل والنسيان.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: إذا صلى الإنسان في ثياب نجسة ولم يعلم أنه أصابتها نجاسة إلا بعد صلاته، أو كان عالماً بذلك قبل أن يصلي ولم يذكر إلا بعد فراغه من صلاته فإن الصلاة صحيحة، وليس عليه إعادة لهذه الصلاة، وذلك لأنه ارتكب ذلك المحظور جاهلاً أو ناسياً وقد قال الله تبارك وتعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة: من الآية 286). فقال الله تعالى: "قد فعلت" ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما أذى فلما كان في أثناء الصلاة أخبره جبريل بذلك فخلعهما رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولم يستأنف الصلاة. انتهى.
وعليه فصلواتك التي صليتها في هذا الجورب صحيحة لا تلزمك إعادتها.
والله أعلم.