السؤال
أنا فتاة توفيت أمي، وأراد أبي أن يتزوج امرأة أخرى غير أنه يشترط خروجي من المنزل (لي أختان متزوجتان وأخ يدرس بالسنة الأولى بالجامعة بمدينة أخرى تبعد250 كم حينئذ) طلب مني أبي أن أذهب لأعيش مع أخي لكي يبقى مع زوجته بمفردهما، إذ أنه لا يرغب بوجودي، لكني رفضت لأني أعتبر منزل أبي هو حق لوالدتي (رغم أنه قانونيا ملك لأبي): لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ. وإن أراد أن يتزوج فليبحث لها عن منزل آخر إضافة أني كنت حينئذ بدون عمل، وأخي لازال يدرس، ومن يدري ربما يهملنا أبي بعد زواجه، ولا ينفق علينا فنضيع؛ إذ أنه طردني من منزله، فلم يتزوج أبي لأني بقيت بمنزله.
وكنت أحاول أن أرضيه وتعويض أمي، لكني كل ما حاولت إرضاءه جازاني بالاستهزاء والاحتقار والتهكم السخرية و.. و.. وكانت النتيجة تعكر حالتي النفسية، فذهبت إلى طبيب نفساني إلى أن حصلت على عمل وتخرج أخي، عندها استأجرت منزلا في نفس المدينة التي يقطن بها والدي، ومكثت فيه، فتزوج أبي وبقي في منزله مع زوجته، وبقيت أعيش بمنزلي المستأجر بمفردي، علما أني شارفت على 32 سنة الآن، وتقدم لي قرابة 10أشخاص، ولكن لا يتوفر فيهم الدين، هل كان علي طاعة أبي في هذا الموقف، هل أنا مذنبة، إن كانت الإجابة بنعم ماذا أفعل الآن، هل يجوز أن أطلب منه ثمن أجرة البيت لأن راتبي قليل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على الأب أن ينفق على ابنته -التي لا مال لها- حتى تتزوج كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 25339.
وعلى ذلك فلم يكن يلزمك طاعة والدك في أمره لك بالخروج من البيت إذا لم يوفر لك مسكناً آخر، أما الآن وقد صار لك كسب من عملك تستغني به عن نفقة والدك فلا يجب عليه أن يدفع لك أجرة المسكن إلا أن يتبرع بذلك، لأن الأب لا يلزمه الإنفاق على ولده المستغني بمال أو كسب، قال ابن قدامة في المغني: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط، أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به فلا نفقة لهم.
علما بأن الآية التي ذكرت واردة في حق الزوجات وليست في حق البنات. وننبهك إلى أن بر والدك واجب عليك بكل حال، وهو من أعظم الواجبات ومن أفضل القربات إلى الله، فعليك مداومة بره وطاعته في المعروف، واعلمي أن تأخر زواجك قدر من أقدار الله التي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، ففوضي الأمر إلى الله وأحسني الظن به، وأكثري من دعائه فإنه قريب مجيب، واعلمي أنه يجوز لك أن تعرضي نفسك على من ترين فيه الصلاح ليتزوجك، فإنه لا حرج على المرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح، وذلك بضوابط وآداب مبينه في الفتوى رقم: 108281.
والله أعلم.