السؤال
أبي تزوج بعد وفاة أمي، والزوجة الجديدة ليست متدينة جدا، ولا تراعي إحساس أحد، وتتحسس جدا مني، وأنا لا أقربها أبدا، و أعمل ما أستطيع عليه من أشغال البيت، وجربت مرات عديدة أن أكلمها وأن أتقرب إليها لكن الله المستعان، فقلت من الأحسن أن لا أكلمها، وهي أيضا لا تكلمني. فهل بهذا أكون قد أثمت؟ وأرشدوني جزاكم الله خيرا، ولا تنسوني من صالح الدعاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التدابر والتهاجر بين المسلمين، فلا يجوز لك هجر زوجة أبيك فوق ثلاثة أيام إلا لسبب شرعي، كأن يكون هجرها رادعا لها عن الوقوع في منكر، أو يكون في صلتها ضرر ظاهر عليك في دينك أو دنياك، فيجوز لك حينئذ هجرها، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث ، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى
وننبهك إلى أن من بر أبيك صلة زوجته وإكرامها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه. رواه مسلم.
واعلمي أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يجلب المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34}.
كما إن الإحسان والمبادرة بالكلام الطيب ولو تكلفا مما يذهب الأحقاد ويجلب المحبة، قال الغزالي: بل المجاملة تكلفا كانت أو طبعا تكسر سورة العدواة من الجانبين وتقلل مرغوبها، وتعود القلوب التآلف والتحاب، وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد وغم التباغض. اهـ من إحياء علوم الدين.
والله أعلم.