الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المستسلم للوساوس ألعوبة بيد الشيطان

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، ولدي مرض الوسواس القهري من 10 سنوات، والوسواس في جميع أمور العبادة من صلاة ووضوء وعقيدة وصيام، وبما أننا في رمضان الآن أعاني من أمر أريد أخذ الحكم الشرعي فيه :
أثناء الوضوء في رمضان أو غيره أعاني من الوسواس قد يطول وضوئي لنصف ساعة غير أن وقتي يضيع في التسمية، فأردد هل سميت أم لا؟ وأحيانا يوسوس لي الشيطان بأن وضوئي قد قطع فأردد التسمية أكثر من مرة ، والآن في رمضان أصبحت أسمي مرة واحدة فقط قبل الوضوء في نهار رمضان عن طريق أني أقول لو سميت أكثر من مرة فسأقطع صيامي وسأعيده قضاء بعد رمضان، وأعلم بأن هذا خطأ، ولكن أصبحت أسمي مرة واحدة، وأتوضأ خلال 5 دقائق، فهذا أصبح يوفر لي الجهد والوقت ونفسيتي تحسنت ، ولكن يوجد 3 أيام وأنا صائمة ولكن شككت في صيامي بسبب:
1- في يوم قلت لو سميت أكثر من مرة فسأقطع صيامي وسأعيده قضاء بعد رمضان، وسميت بعدها وبدأت الوضوء ولكن تذكرت بأن في يدي دم جاف فقطعت الوضوء وغسلت الدم ثم سميت مرة أخرى وأعدت الوضوء فهل يجب علي إعادة صيامي لهذا اليوم ؟
2- وأيضا يوم آخر قلت أيضا لو سميت أكثر من مرة فسأقطع صيامي وسأعيده قضاء بعد رمضان، وسميت بعدها وبدأت الوضوء، ولكن أيضا تذكرت بأن في عيني بعض الإفرازات يجب أن أزيلها، وإلا ستمنع الوضوء وكنت أعلم بأنه يمكنني أن أغسلها وأنا أغسل وجهي، ولكن زادني الوسواس بأني قطعت وضوئي أثناء التفكير هل أكمل أم أعيد، فغسلت عيني ثم سميت مرة أخرى وأعدت الوضوء. فهل يجب علي إعادة صيامي لهذا اليوم ؟
3- في يوم آخر أيضا قلت أيضا لو سميت أكثر من مرة فسأقطع صيامي وسأعيده قضاء بعد رمضان وسميت بعدها وبدأت الوضوء، وأثناء غسول وجهي شككت بأن لم أتمضض فأعدت الوضوء وسميت مره أخرى. فهل يجب علي أن أعيد صيام هذا اليوم؟
4- في يوم أيضا قلت لو سميت أكثر من مره فسأقطع صيامي وسأعيده قضاء بعد رمضان وسميت قلت : ( ب ) ووقفت بدون قصد لا لاشيء لا أعلم لماذا ثم سميت بعدها وبدأت الوضوء. فهل يجب علي أن أعيد صيام هذا اليوم؟
فما حكم صيامي لهذه الأيام الثلاثة كلها؟ هل أعيدها بسبب أم ماذا؟ أنا أعرف وأدرك بأني موسوسة ولكن هذه الطريقة أنقذتني كثيرا ماذا أفعل ؟
5- ولدي النذر الكثير على كل أنذر مثلا أنذر سأصوم 10 أيام لو أعدت الوضوء أو الصلاة، ومع ذلك لدي وسواس الصيام ماذا أفعل بنذري وحلفي الكثير لا أعلم كم عدده وكيف أكفر عنه ؟
6- ولدي دائما فكرة الكفر والعياذ بالله، لو عملت هكذا لو قلت كذا فأنا كافرة في نفسي ولا أنطق بها أحيانا أغتسل وأنطق الشهادتين. أما الآن فأنطق الشهادتين فقط فماذا أفعل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا في فتاوانا مرارا وتكرارا أن الوسواس من شر الأدواء وأخطر الأمراض التي إن استسلم العبد لها كدرت صفو حياته ونغصت عليه عيشه وأفسدت عليه دينه ودنياه، وأنه لا علاج لهذه الوساوس إلا الإعراض عنها وعدم الالتفات إلى شيء منها ولا الاكتراث بها البتة، فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تأخذي بهذا العلاج، وأن تجاهدي نفسك على ترك هذه الوساوس، وإذا صدقت وكانت منك العزيمة القوية في التخلص من هذه الوساوس، فإن الله تعالى سيعينك على التخلص منها ويشفيك بمنه وكرمه، وانظري لكيفية علاج الوسوسة الفتوى رقم: 51601ورقم: 134196.

ثم اعلمي أن التسمية سنة فلو تركتها في الوضوء بالكلية فوضوؤك صحيح وصلاتك صحيحة، فلا حاجة إلى الوسوسة في أمر التسمية وإعادتها أكثر من مرة.

كما أن ما فعلته -من قولك إنك لو أعدت التسمية فستعيدين صيام هذا اليوم- لا أثر له على صحة الصوم ولا يفسد به صومك، بل صومك صحيح لأنه لم يطرأ عليه ما يفسده.

فحذار حذار أن تقضي شيئا من هذه الأيام بعد أن علمت الحكم الشرعي، وهو أن صومك لها وقع صحيحا وأنها لم تبطل بذلك، فإن قضاءك لها استسلام منك للوساوس وتماد في الاسترسال معها ومخالفة الشرع، بل عليك كلما وسوست في أمر من أمور العبادة أن تعرضي عن الوسواس وترفضيه، فإن قال لك الشيطان إنك لم تغسلي عضو كذا فابني على أنك قد غسلته، وإن قال لك إنك لم تكبري أو لم تقرئي آية كذا فأعرضي عن هذا كله وامضي في عبادتك حتى يعافيك الله تعالى ما لم يحصل لك اليقين بالترك.

وأما ما حلفت من أيمان أو نذرت من نذور، فإن كان حلفك ونذرك ثم حنثك إن كنت قد حنثت واقعا تحت تأثير الوسوسة بحيث لا يمكنك دفعه فلا شيء عليك إن شاء الله لأنك في معنى المكره، ولمزيد التفصيل حول ما يلزمك تجاه تلك الأيمان والنذور انظري الفتوى رقم: 136030.

وأما ما يلقيه الشيطان في قلبك من الوساوس في الإيمان وإيهامك بأنك قد خرجت من الملة والعياذ بالله فهو من تلبيسه ومكره، فلا تلتفتي إلى شيء من ذلك، وثقي بأنك على ملة التوحيد والحمد لله، نسأل الله أن يحيينا ويميتنا وإياك عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني